الرؤية السردية في رواية اللص والكلاب
رواية اللص والكلاب
اللص والكلاب أحد روائع الكاتب الكبير نجيب محفوظ، والذي عرف بحبكته الكتابية وأسلوبه الشيق وطريقته التي لا مثيل لها، حيث إن نجيب محفوظ من الكتاب القلائل الذين وصلوا للعالمية بأسلوبه المميز.
رواية اللص والكلاب تدور احداثها حول البطل الذي يدعى سعيد، والذي نشأ في أسرة بسيطة تسكن في السكن الجامعي نسبة لعمل والده
الذي يعمل حارس للسكن، ولكن حتى ذلك الحال لم يدوم، فقد مات أبويه مرضاً وفقراً وهو في سن صغير، ليكن سعيد وحيداً.
بعد ذلك ساق القدر رؤوف علون ليكون صديقاً لسعيد ورؤوف هو أحد طلاب السكن الجامعي، فعمل رؤوف على مساعدة سعيد ولم يكن يجد فيه غير الصديق ،
ولاسيما أن رؤوف استخدم أسلوب الأقناع بأن عليهم استرداد حقوقهم من الأغنياء الذين أغتصبوا حقوقهم، فكان رؤوف علوان ثوري من الطراز الأول.
ولكن بعد فترة وجد سعيد في السرقة حل لأنه كان أحب فتاة تدعى نبوية وهي تعمل خادمة، وكان سعيد
يبحث عن حل لإرضائها، وسبيل لتقريب الزواج منها، فلجأ للسرقة وبعدها تزوج نبوية، وأنجب منها سناء.
ملخص رواية اللص والكلاب
لم يلبس الأمر كثيراً حتى تم القبض على سعيد مهران، وقضاء أربعة سنوات في السجن، وبعد مرور الأربعة سنوات خرج سعيد من السجن،
ويعتبر هذا هو البداية للفصل الأول من الرواية الذي بدأ بها نجيب محفوظ.
بعد أن خرج من السجن وجد زوجته نبوية متزوجة من رجل يسمى عليش وهو أحد رجال سعيد الذي كان يعمل معه، واستاء سعيد عندما لم تتعرف بنته عليه،
فأضطر حينها لأن يفكر في الأنتقام خاصة بعد سخرية عليش منه واستنكار زوجته وأبنته.
بعد ذلك أتجه إلى الشيخ علي الجنيدي صديق والده، وبدأ أن يحكي للشيخ قصته لأنه لم يجد من المال شيء، فهو خارج من السجن
ولم يكن لديه أي شيء، وقال له حينها الشيخ علي، يا ولدي خرجت من السجن الصغير للسجن الكبير.
ذهب بعد ذلك سعيد إلى صديقه القديم رؤوف علوان، ولكنه لم يجده، فذهب إلى منزله، وتفاجئ سعيد بأن رؤوف أصبح غني ولديه فيلا كبيرة، وحينها عرض رؤوف على سعيد العمل معه، ولكن كان رؤوف يحاول أن يستنكر للحديث،
حيث ينكر إنه كان يسرق معه، وقال له يا سعيد أنا كنت أسرق لظروف تعرفها أنت، ولكن الآن أنا أصبحت صحفي كبير ولي اسم ولا يمكن أن تذكر مثل هذه الأيام السيئة.
في النهاية قال رؤوف لسعيد أنت لا يمكن أن تأتي لا ثانية، فأنت بهذا الشكل تسبب لي الحرج، فمنح رؤوف سعيد عشرة جنيهات، ولم يساعده في إيجاد عمل، مما سبب ضيق وفزع كبير لسعيد، حيث شعر بالإهانة،
مما دفع سعيد للتفكير في سرقة الفيلا في نفس الليلة.
لم يكن رؤوف غبي ولا ساذج فكان يتوقع أن يأتي صديقه للفيلا ويسرقه، لأنهم كانوا سارقين معاً في زمن قديم،
ويعتبر رؤوف هو من علم سعيد السرقة وأقنعه بأن الأغنياء هم المغتصبين للمال العام الذي هم لهم حق فيه.
وبخ رؤوف سعيد وطرده واسترد منه العشرة جنيهات التي ساعده بهم، فبدأ بعد ذلك سعيد بالبحث عن مسدس للتخلص من أعدائه،
وحينها لجأ للمعلم طرزان صديقه القديم، ولم يلبس الأمر كثيراً فظهرت فتاة تسمى نور وهي من ساعدته في السرقة مجدداً، للحصول على السيارة التي تساعدة في الإنتقام.
بدأ بعدها بعمل الجرائم والقتل، فظن أن الرجل الذي يطلق عليه النار هو عليش، ولكن حضره كابوس ورأى رؤوف علوان، وعندما استيقظ عرف إنه لم يقتل عليش بل قتل الساكن الجديد للمنزل.
فر سعيد إلى منزل نور، وهناك دار حديث عن الماضي فيما يخص نبوية، واستمرت القصة بين التيه والهرب وذكريات الماضي،
وحاصرته الشرطة ولم يستجب لهم وذلك في المقابر، ولعد ذلك فر هارباً محاولاً التخلص من الشرطة ولكن لم يفلح سعيد مهران فمات داخل المقابر وهو يحاول الفرار.
تحليل رواية اللص والكلاب
رواية اللص والكلاب، أحد الروايات الفلسفية، التي تصل بالتحليل لعمق الطبيعة البشرية، فكل ما يحدث من مجريات في الرواية،
ما هو إلا رد فعل استسلامي للبطل، فسعيد في بداية حياته هو شاب مثقف ولكنه بسيط، أمن مع زملائه بالثورة وبحق الفقراء في ثروات الأغنياء،
وسرق سعيد من اجل رغبته في الزواج والمال، دون التفكير حينها في المبادئ والأخلاق، مما ساقه للسجن، بعد تكرار جرائمه، مستيسر الحصول على المال الحرام.
بعد خروجه من السجن متلهف لرؤية زوجته، حيث تفاجئ حينها إنها تزوجت أحد أصدقائه وهو عليش الذي خانه، ووجد أبنته الوحيدة سناء لا تعرف عنه شيء،
فكانت الرغبة الشديدة في الانتقام هي المسيطرة على سعيد حينها هي التي تحركه، مستسلم للمرة الثانية لرغباته دون الوقوف عند ما هو حلال وحرام.
بعد ذلك ذهب لصديقه رؤوف وهو يعتبر صديق عمره، ليساعده، ذلك الصديق الذي كان يعاونه في السرقة، وكان يدافع عنه وأخرجه منها عدة مرات مع أصدقاء قدامى في السكن الجامعي.
وعندما وجد سعيد رؤوف لا يريد التعامل معه، ففكر في الانتقام أيضاً، وذهب ليلاً ليسرقه، وذلك استسلم سعيد لرغباته السلبيه في الانتقام والأعمال الشيطانية للمرة الثالثة.
تتوالي الأحداث ويفكر سعيد في القتل، ثم في سرقة السيارة، ثم في الفرار من العدالة، ثم في الهروب ثانياً، مما هو واضح فسعيد كان شخص مستسلم دائماً لدوافعه ورغباته السلبية، وكانت النهاية إنه ضاع ومات وحيداً.
الرؤية السردية لرواية اللص والكلاب
في رواية اللص والكلاب، أعتمد الكاتب الكبير نجيب محفوظ على الرؤية السردية من الخلف، مستخدم ضمير الغائب وكأنه يجول في نفوس الشخصيات من الداخل، ويعرف ما يمروا به، ويعرف ما تكنه ضمائرهم، وهذا أسلوب مميز،
يجعل القارئ يشعر بإنه يعرف شخصيبات القصة علم اليقين ويعرف ما يجول في خاطرهم، كما أن الكاتب يشعرك بأنه لهواً خفي،
كسر جميع القيود وخرق الأبواب والنوافذ وصعد إلى عقول الأبطال وعرف كل ما يدور في أذهانهم.
الرؤية من الخلف هي أحد الاسايب السردية العميقة، والتي تشمل بالشمول والدقة، كما أن الراوي في القصة يكون على علم كبير بالشخصيات ولديه نظرة شمولية وفاحصة لما يدور في داخلهم.
الزمن السردي في رواية اللص والكلاب
استخدم الأديب نجيب محفوظ الزمن السردي الصاعد في رواية اللص والكلاب، حيث استهل الرواية ببداية خروج سعيد من من السجن، ويبدأ بالتسلسل للأحداثق، مع وجود خلفية تعرف الناس بالماضي وكيف وصل إلى السجن،
وما علاقته بالشخصيات التي يقابلها تباعاً، كما أن الرجوع للماضي في القصة ضروري، لمعرفة سبب وجود الرغبة في الانتقام من الأشخاص القدامى الذي كان يعرفهم، مثل رؤوف ونبوية وعليش.
تعتبر رواية اللص والكلاب، أحد أعظم الروايات العربية، لما فيها من حبكة كتابية مميزة، فمن يقرأ الرواية والتي جسدت لعدة أعمال فنية مصرية،
فجسدت كفيلم من بطولة شكري سرحان والجميلة شادية والراحل كمال الشناوي، وجسدت كعمل درامي مميز، ونجت الرواية في السينما ونجحت أيضاً في التليفزيون، كونها عمل فني كتب من البداية بدقة وحبكة مميزة.