من أزواج حقيقيين: كيف أثرت أزمة كورونا على علاقتنا
بعد أشهر من الحجر المنزلي والاحتماء في المنازل بسبب الوباء، أثبت فيروس كورونا أنه أكثر من مجرد تهديد للصحة، سواء الجسدية أو النفسية، بل أصبح تهديداً للعلاقة الزوجية “الرومانسية”، فقد أثر على جميع جوانب حياتنا اليومية.
في بداية الوباء امتلأت صفحات الإنترنت بالميمات أو النكات التي أوحت بأن العلاقات إما ستزدهر أو أنها ستعاني، وكان الأمر غير مبشرٍ بالنسبة للبعض،
فبالفعل، من منا يقضي 24 ساعة في المنزل أساساً؟ أو يجلس مع زوجه/ زوجته منذ الصباح وحتى المساء كل يوم على امتداد أشهر؟! لا أحد! فكل منا له برنامجه وروتينه.
لكن الطريقة التي غير بها هذا الوباء علاقات الناس مع بعضها البعض باتت أكثر تعقيداً. ولنكن منصفين فهناك من استفاد منها إيجاباً وآخرون أثرت عليهم سلباً.
تحدثت مع 5 أزواج لأقيس -ولو بمقياسي الشخصي- كيف أثرت الكورونا على علاقاتهم الزوجية؟ وهل من المعقول أن التأثير كان سيئاً كما أوضحت الكثير من المواد الإخبارية في الإعلام؟
سما وماهر:
“ليست لدينا تجربة طويلة بالزواج، فقد تزوجنا خلال فترة الوباء العام الماضي، إلا أن الوباء أثر علينا بطريقة غريبة شعرنا أن الحياة قصيرة، وأن الخطوبة هي للتعارف وليست للتخطيط لحفل العرس وإرضاء “الجماهير”،
وبالفعل بتنا نتحدث أكثر عن حياتنا ونخطط لها فشعرنا أننا أصبحنا مستعدين للزواج فعلاً. قمنا بالتخطيط مع الأهل لعرس ضيق جداً بعد أن سُمح لنا بالتحرك وكان أجمل يوم في حياتنا. الكورونا علمتنا البساطة وأساس العلاقة الزوجية.”
هبة وأحمد:
” لقد حطمنا الوباء، كان زوجي يعمل في الخارج ويأتي لزيارتنا أنا والأولاد كل شهرين بسبب طبيعة عمله. قبل الوباء قررنا أن نستقر في بلدنا وأن يجد عملاً فيه إلا أن الوباء لم يساعدنا، لم يستطع أن يحصل على وظيفة جديدة وتم تسريحه من عمله في نفس الوقت!
ولم يستطع أن يعود بسبب منع السفر. من الواضح أن علاقتنا لم تكن قوية بما فيه الكفاية حتى نحتمل هذا التحدي، وأصبحت المسافة بيننا تكبر أكثر فأكثر، ونحن الآن في مرحلة صعبة جداً، وأنا بصراحة لم أعد أحتمل كل هذا البعد وعدم اليقين والقلق على حياتي ومستقبل أولادي!”
منى ورامي:
“كنا خائفين من قضاء كل هذا الوقت في المنزل وبصراحة خشينا أن نمل من بعضنا البعض كما صور لنا العالم الأمور، إلا أنه كان من المفاجئ أننا استمتعنا بوقتنا معاً واعتدنا على إمضاء كل هذه الساعات في المنزل. وفي الحقيقة، تعلمنا عن بعضنا الكثير
من ناحية طريقة العمل والتواصل مع الآخرين وطريقة إدارتنا للوقت فقد كنا نعمل من المنزل.” هنا يقول الزوج: “تفاجأت كيف أنها تحتمل متطلبات الحياة اليومية وتديرها ببساطة وأنا ممتن لها جداً فعملي لم يعطيني الوقت لكي أعيش مع زوجتي كما أحب”.
ريم ومحمد:
“الوباء كان سبباً في فتح عيني على مصيبتي كما أسميها الآن، لم أكن أعلم أنني أعيش في علاقة “سامة” وأن زوجي شخص متسلط ومتحكم فلطالما كنت مشغولة بين العمل والأولاد وتلبية طلباته. بالطبع كانت له طباعه، ولكنني كنت أعذره دائماً لطبيعة
عمله وطريقة نشأته فلم تكن حياته سهلة. ولكن للأسف بعد قضاء الوقت معاً وخاصة حول الأولاد، لم أحتمل طريقة معاملته لنا. ومن هنا أود أن أشكر فيروس كورونا لإعطائي الفرصة للبدء بحياة جديدة مع أطفالي وأنا غير نادمة على قراري أبداً.”
شذى وسيف:
“كان الحجر فرصة للتواصل، مضى على زواجنا 13 سنة وكانت الحياة تأخذ مجراها في كل شيء وكنا نسير معها دون تفكير، فمتطلباتها وتحدياتها كثيرة، نسينا التواصل ولم نعد نتحدث ونضحك مع بعضنا. في الحجر اضطررنا لفتح الأحاديث وطرح الأسئلة مما قربنا من بعضنا أكثر مما نتصور وكأننا تزوجنا من جديد،
حتى لاحظت التأثير على ابني البكر فقد تغير تماماً وأصبح التواصل معه أسهل. وقررنا ألا نتوقف عن التحدث والتواصل ولو مرة في الأسبوع.”
عند النظر إلى تجارب هؤلاء الأزواج، نرى أنه لا يمكن التعميم بشأن تأثير كورونا على علاقاتنا الزوجية. فمما لا شك فيه أن الزواج منظومة تحتاج لبذل الجهد فيها حتى تنجح، والتحديات التي يواجهها الأزواج ما هي إلا فرصة للتمعن والتفكير في العلاقة وترتيب الأولويات والحدود الشخصية لجعلها تنجح.
كورونا كانت ولازالت واحدة من أصعب التحديات التي مررنا بها، فمن كان متمرساً على مواجهة الصعاب وإيجاد الحلول لها تخطاها إيجاباً ومن اتخذ التجاهل وكبت المشاعر طريقاً لتسيير العلاقة فيما بينهم كانت النتيجة سلبية في الغالب.
برأيي، من الصحيح أن الخلاف أو الانفصال صعبين، ولكنهما لا يفسدان للود قضية وعلى الأزواج اتخاذ القرار الذي يسعد كلاً منهما وخاصة أطفالهما (إن وجدوا).
وحتى الذين تمكنوا من توطيد العلاقة فيما بينهم وسط الفوضى يجب على المجتمع أن يتحدث عنهم أكثر ويشارك مع العالم حقيقة الزواج وأنه عبارة عن ” أخذ وعطى” وأن المحاولة والتشبث في العلاقة أمر لا بد منه، فعندما يتزوج اثنين من المؤكد أن هناك سبب رئيسي ومهم جمعهما من الأساس، وهذا أمر علينا ألا ننساه أبداً.