الإبداع والابتكار مثل الخلق والتجديد، كلها من المفاهيم المفيدة شديدة الأهمية في مجالات الحياة المختلفة،

إلا أن البعض يعجز رغم ذلك عن تحديد الفرق بين الإبداع والابتكار، وهو ما نوضحه الآن مع الإشارة إلى بعض الأمثلة.

تعريف الإبداع

يعرف الإبداع بأنه إطلاق الخيال للعقل من أجل التوصل إلى فكرة أو مجموعة من الأفكار الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل،

حيث يلجأ الإنسان إلى قدراته الخاصة والمهارات التي يتمتع بها،

من أجل تحقيق هذا الهدف.
لا يمكن القول إن الإبداع يعتبر من الصفات الوراثية،

بل هو من أشكال السلوكيات التي يمكن أن تكتسب ثم تنمى،

وهو الأمر الذي يتوقف على أمور مختلفة مثل ظروف المجتمع المحيط وعلى درجة التعليم والثقافة التي يحظى بها المرء.

تعريف الابتكار

على الجانب الآخر، يعرف الابتكار بأنه محاولة إدخال أمور جديدة

ولكن على أنظمة موجودة بالفعل على أرض الواقع، حيث يبحث المرء عن الشيء المفقود ليبتكر الحل من أجل علاج الأزمة.


يعتبر الابتكار إذن هو المكمل لعملية الإبداع، حيث يساهم في تحويل الأفكار الإبداعية إلى أشياء ملموسة،

مع ضرورة الاعتماد على طرق مستحدثة حتى وإن كان ذلك يتم على أفكار ليست جديدة.

الفرق بين الإبداع والابتكار

يبدو الفرق بين الإبداع والابتكار أكثر وضوحا عند الإشارة إلى أن الإبداع هو إيجاد الفكرة الجديدة

التي لم تظهر من قبل، فيما يتمثل الابتكار هنا في كيفية تحويل تلك الفكرة إلى شيء حقيقي عبر أساليب غير معتادة،

لذا فالإبداع الناتج عن استخدام الخيال لن يصبح مفيدا وحده، إلا إن جاء الابتكار الناتج عن العمليات الإنتاجية،

ليجعل منه شيئا مرئيا صالحا للاستخدام.


يمكن التأكيد على الفرق بين الإبداع والابتكار أيضا بالنظر إلى الإبداع باعتباره من الأمور التي يصعب قياس مدى نجاحها،

حيث يبدو النجاح من عدمه في تلك الحالة من الأمور النسبية،

على عكس الابتكار الذي يرتبط بالإنتاج، لذا فقياس نسبة نجاحه من الأمور الممكنة دون شك.


كذلك وبينما الابتكار يعتبر من العمليات الإنتاجية فهو يحتاج إلى بعض التكاليف،

على عكس الإبداع الذي قد لا يحتاج من الشخص إلى تحمل أي تكاليف مادية تذكر،

ما يكشف عن وجود نسبة خطورة لا يستهان بها في الابتكار بخلاف الإبداع.

معوقات الإبداع والابتكار

تتنوع معوقات الإبداع والابتكار للأسف، حيث يعتبر المجتمع في كثير من الأحيان هو المعطل لعمليات الإبداع والخلق والابتكار،

ذلك إن كان لا يدعم الأفكار الحديثة ولا يهتم إلا بالسير على نهج القدماء،

علما بأنه في تلك الحالة من الوارد أن يكون المنزل هو أحد معوقات الإبداع والابتكار،

مع الوضع في الاعتبار أن العادات والتقاليد أحيانا ما تعصف بأحلام المبدعين.

يعتبر الخوف من الفشل إذن من الأشياء التي تعيق نجاح الإبداع والابتكار،

حيث يدفع البعض إلى محاولة الاعتماد على الأفكار القديمة خوفا من اللجوء إلى أخرى حديثة قد لا تنجح،

علما بأن عدم وجود ثقة بين الأفراد وربما غياب الدعم المادي من بين معوقات الإبداع والابتكار أيضا.

من المؤكد أن الحالة النفسية السيئة للمرء تعتبر من بين معوقات الإبداع والابتكار،

حيث يؤدي ذلك إلى الميل لأفكار سلبية قد تشعر الشخص بالعجز،

وربما تمنعه من البحث عن حلول جديدة لأزماته، كما أنها تزيد من الخوف من الفشل،

الذي يعتبر أحد معوقات الإبداع والابتكار كما ذكرنا.

أمثلة على الإبداع والابتكار

لأمثلة التي تكشف عن الفرق بين الإبداع والابتكار متعددة،

في ظل تعدد الاختراعات والابتكارات الملهمة التي ظهرت على سطح الكرة الأرضية في العقود والقرون الأخيرة.

نلاحظ على سبيل المثال اختراع المصباح الكهربائي في عام 1879 على يد الأمريكي توماس إديسون،

الذي نجد من خلاله أن الأفكار المتنوعة التي توصل إليها إديسون قبل التوصل إلى الشكل النهائي للمصباح هو الإبداع،

أما الابتكار فهو منتج المصباح الكهربائي الذي ظهر للعلن أخيرا ليجسد إبداعه

وربما إبداع آخرين توصلوا من قبل لأفكار مماثلة.

كذلك يبدو الفرق بين الإبداع والابتكار أكثر وضوحا بالنظر إلى ابتكارات حديثة مثل نظام عمل أوبر،

والذي تمثل في البداية في فكرة تدعو إلى إمكانية عمل أي شخص كسائق من دون تعقيدات،

مع إمكانية الاعتماد على مبدأ تقاسم الركوب أو مشاركة المركبات،

وهي كلها أفكار مثالية تحولت في غضون سنوات لأمر واقع عرف بالابتكار.


في الختام، يعد كل من الإبداع والابتكار من ضمن أساسيات النجاح في أي مكان،

لذا فالاستعانة بهما سويا في العمل أو حتى في المنزل،

من أجل وضع حلول للمشكلات وإيجاد طرق حديثة للتعايش، من الأمور الضرورية وغير الاختيارية.