نحن أمهات اليوم لم نعاصر منذ صغرنا زمن مواقع التواصل الاجتماعي…
ففي الثمانينيات كنا أطفالأً أو مراهقين مستمتعين بكل التفاصيل الصغيرة
التي نعيشها في منازلنا بهدوء مع من نحبهم، بعيداً عن ضجيج المجتمع الخارجي
وما يحمله من مشاكل وتعقيدات…
- بعيدين كل البعد عن أي وسيلة من الوسائل التكنولوجية الحديثة والذكية!!
بصراحة، لا أدري من الذي وصفها بـ “الذكية”…
لا أعتقد شخصياً أن هذا المسمى صحيح ودقيق بكل ما تحمله الكلمة من معنى،
لأنها استطاعت أن تخترق حياتنا بطريقة مرضية معظم الوقت في الوقت الذي كان الهدف
من وجودها أن توفر لنا المعلومات المفيدة والقيمة بأقل جهد!
لن أتطرق في مقالي هذا إلى فوائد أو مضار التكنولوجيا ولا إلى الأجهزة الذكية
التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كل بيت… بل سأتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي…
هذه المواقع التي وجدت فقط للتواصل؛ لتتواصل الأم مع ابنها المغترب
أو الأب مع أبنائه، لا بد من أن الذي اخترعها كان على درجة عالية من الذكاء الاجتماعي
ويكره البعد والمسافات، هذا شيء أكيد!لكن للأسف، بات استخدامها واستغلالها وطريقة التعامل معها من أسوأ ما يكون… فقد أصبحت لتداول الأخبار البشعة المؤذية نفسياً كل يوم وفي كل ساعة.صحيح أن هذه الأخبار والأحداث موجودة منذ بداية الزمان حتى يومنا هذا،
لكن لم يكن أحد يعلم بها وهذا الأمر كان مريحاً نفسياً لعدم دخول الخوف
والاستياء والإحباط إلى بيوتنا…
أخبار الخطف والعنف والقتل والاغتصاب… أخبار يومية تسمم حياتنا
لا نستطيع التحكم بها أو بمصادرها، ولا قدرة لنا في التدخل أو حل أي منها،
فهي في النهاية رؤوس أقلام وسبق صحفي مع عدة إعلانات مدفوعة الأجر هدفها الانتشار…
- رأي الأطباء في العادة السرية
- أفضل التحديات والمقالب بين الأصدقاء
- وسائل التواصل الاجتماعي وتغييرات الدماغ لدى المراهقين!
- 6 خرافات شائعة حول الدورة الشهرية
- المراهقة المبكرة: تطور الطفل من عمر ١١ إلى عمر ١٤ سنة
وقد استطاعت أن تحقق الانتشار فعلاً مجتاحة بيوتنا وأفكارنا وأفكار أطفالنا بشكل سلبي!أنا لا أنكر وجود إيجابيات لهذه الأخبار، فقد علمتنا أن نكون أكثر حذراً، محتاطين لجميع الاحتمالات، كان لها أيضاً دور في توعية عقولنا لبعض الأمراض النفسية المنتشرة، لكن ومجدداً لا أستطيع أن أهمل حجم الخوف الذي تصنعه في بيوتنا!في معظم الأحيان أتمنى لو أن العالم بقي مغلقاً ولم ينشر هذه السلبيات في كل مكان،
أو لو كنا نحن نميل إلى الإيجابية أكثر حتى نقف في وجه كل من كان يؤذينا بنشر أخبار
بلا هدف ولا تفيدنا على الصعيد الشخصي… تزرع فينا نوع من أنواع الألم
والخوف بمجرد مرورها عبر أجهزتنا وتذهب بلا حول لنا ولا قوة… كيف؟؟
في أيام كثيرة، نجد أنفسنا نقرأ خبراً عن مختل عقلياً قام باغتصاب طفل،
فنبدأ بتوجيه أصابع الاتهام من خلف الشاشات، نقوم بإلقاء اللوم أولاً على أم الطفل
التي لم تكن برفقة طفلها أو على أم المختل التي لم تجد تربية ابنها،
ثم على المختل نفسه الذي تنهال عليه الشتائم وعلى اختلال عقله وأخيراً
على الحكومة التي لا تقيم الحد عليه وعلى أمثاله فتكتفي بحكم عدة سنوات مع أشغال شاقة.
الأمر الذي يصيبنا بإحباط شديد نتيجة ما يحدث أمامنا من توزيع للأحكام الخالية من العدل والحكمة.. فهي كما ترون دوامة بلا نهاية عكرت علينا صباحنا بمجرد قراءة مقال أُجبرنا على قراءته ومتابعته بغير قصد!لذلك، أنا أرى بأن نتغاضى عن مثل هذه الأخبار بأن نتوقف عن فتح هذه الروابط،
أعلم أن هذا الأمر شبه مستحيل فالغالبية منا سيشعرون بالفضول لمعرفة التفاصيل،
ولكن صدقوني اكتفوا بقراءة العناوين حتى لا تتألموا أو تتأثروا بما ستقرؤون.
ولا تنسوا أنه بمجرد فتحكم لهذه الروابط تكونون قد زدتم من عدد قراءات ذلك الخب
ر مما سيزيد من تداول الحسابات والصفحات التي غالباً ما تنشر أخباراً
غير صحيحة هدفها إيقاعنا بدوامة ما أو إشغالنا عن واقعنا.
فلينشر كلٍ منا إيجابيات الحياة بكل أشكالها…
من حب وبراءة ومشاعر نظيفة طيبة حتى نستطيع التغلب على الأمور السلبية
التي يتم ضخها إلى حياتنا يومياً. وليبدأ كل منا بنفسه
في التوجه الإيجابي على مواقع التواصل الاجتماعي لنتجاوز معاً
ما فيها من أخبار سلبية ونوقف انتشارها.