يحدث تلوث الهواء بسبب وجود مواد سامة في الغلاف الجوي،
تنتج بشكل رئيسي عن النشاط البشري منذ سنوات طويلة، وتشكل هذه الغازات والمواد الكيميائية
عددًا من الظواهر والعواقب على النظم البيئية والكائنات الحية التي تعيش على كوكبنا، و يؤثر تلوث الهواء على
الجميع وعلى كافة القطاعات، الحيوانات والمحاصيل والمدن والغابات والأنظمة البيئية المائية، ولكن في السنوات الأخيرة،
زاد الاهتمام بمجالين على وجه الخصوص، يعانيان من العديد من العواقب الضارة لتلوث الهواء، البيئة وصحة الإنسان.
التَّلَوُّث البيئي يدمر كل الأماكن المحيطة بنا، وتُعد الغازات والدخان في الهواء،
والمواد الكيميائية بكافة انواعها، والنفايات الصلبة على الأرض، من أسباب التلوث الرئيسية، والتلوث البيئي
هو أحد أكثر المشاكل خطورة على البشرية، لأنه يحمل في طياته الأمراض التي تهدد الحياة.
ما هي أسباب التلوث
يؤثّر التّلوث بشكلٍ أو بآخر على الحياة بسبب الأضرار الخطيرة التي يسبّبها بكل أنواعه. ويعدّ تلوث الهواء الأكثر تأثيرًا على الحياة البشريّة و الأشد خطورة.
أسباب تلوث الهواء
تلوث الهواء هو عبارة عن دخول جسيمات ضارة للغلاف الجوي، قد تشكل خطرًا
على البيئة، وتؤثر سلبًا على كل من صحة الإنسان والحيوان والنبات كذلك، فقد
زادت نسبة تلوث الهواء بشكل كبير وتعددت مصادره في وقتنا الحاضر،
وذلك بسبب للتطور التكنولوجي الذي نشهده في عصرنا هذا.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي لتلوّث الهواء،
ومنها الأسباب التي تحدث بفعل الطبيعة، مثل حرق الغابات والتي ينتج عنها الغازات الضارة أو أكسيد الكربون،
النشاط الإشعاعي، والذي ينتج عنه غاز الرادون المضر بالبيئة، بالاضافة الى البراكين التي ينتج عنها مجموعة من الأبخرة والغازات السامة
مثل الكلورين والكبريت. ثم هناك الأسباب الصناعية وهي أسباب تحدث بفعل الأنشطة البشرية، مثل صناعة النفط، صناعة الأسمنت،
صناعة الأسمدة المخصصة للزراعة، و استخدام المبيدات الحشرية، والعوادم التي تطلقها مصناع الصناعات الغزلية.
ثم هناك أسباب إشعاعية، وهي عبارة عن إشعاعات ضارة، تنتج بفعل المخلفات النووية والمفاعلات الذرية
و تفشي الحروب في العالم و التوسع في استخدام السلاح النووي و الذري و الإشعاعي. ثم الكائنات الحية الدقيقة
التي تضم جميع أنواع الأحياء الدقيقة التي من الممكن أن تؤدي إلى تلوّث الهواء، مثل الفيروسات والجراثيم.
تلوث الهواء
لا يوجد كائن على وجه الأرض يمكنه العيش بدون ماء، وعلى الرغم من ذلك،
هناك من لا يحافظ عليه و يلوثه، كما أن هناك عوامل طبيعية ينتج عنها تلوث الماء،
ومن أهم أسباب تلوثه مخلفات المصانع في المياه سواء غذائية أو كيماوية وغيرها،
و يكون الكثير منها سام مثل مخلفات البترول و النفط.
كما تقوم بعض الدول بعمل صرف لمياه المجاري في المياه الطبيعية
التي نستعملها، وهذا ما يعد من اخطر مصادر تلوث الماء لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الميكروبات الضارة
و الطحالب و البكتيريا الخ..، كما تشكل مخلفات المصانع خطورة كبيرة لأنها مواد سامة و ضارة و تسمم المياه السطحية أو الجوفية،
دون أن ننسى النفايات المشعة التي تقوم المفاعلات بالتخلص منها في المياه و التي تشكل خطورة
وكارثة على الإنسان و الطبيعة عموما، ناهيك عن المبيدات التي تقتل الثروة السمكية، كما توجد بعض الأسباب الطبيعية مثل الانجراف،
و المواد المخصبة للأراضي الزراعية التي تلوث المياه بشكل كبير، فمستحضرات الرش و الأسمدة تلحق الضرر بكل ما يحيط بها من كائنات،
من خلال سقوط المطر و الاختلاط بهذه المواد الضارة وسحبها لمجاري الأنهار والمسطحات المائية، و قد تصل للمياه الجوفية وتلوثها.
و يُصاب سنويًا نحو مليار شخص بمختلف الأمراض الناتجة عن استخدام المياه الملوثة وتنتقل الأمراض بواسطة الماء
على شكل بكتيريا و فيروسات قادمة من النفايات البشرية و الحيوانية،
وهذه الكائنات هي السبب الرئيسي في الأمراض الناتجة عن تلوث المياه،
لعل أبرز الأمراض الناتجة عن المياه الملوثة، الكوليرا، والجيارديا، والتيفوئيد الخ.
أسباب تلوث التربة
من أكثر العناصر التي يسيء الإنسان استخدامها في هذه البيئة هي التربة،
حيث هناك ملايين الهكتارات من الأراضي في أوروبا ملوثة بالعناصر السامة
مثل الرصاص والزرنيخ، وينطبق الشيء نفسه على الدول الصناعية التي تعتبر الأكثر تضرراً من تلك الغازات، ويرجع سبب تلوث التربة في معظمه
إلى أنشطة إنسانية
تنتج المُلوِّثات الكيميائيّة، النفايات الصلبة والفضلات المنزليّة حيث تعتبر
الصناعات أسوء ملوثات التربة بسبب المواد الكيميائية التي تطلقها وتتركها في البيئة سواء كان ذلك على شكل ملوثات صلبة أو سائلة أو غازية،
كما اجبر الطلب المتزايد على الغذاء كل المزارعين على استخدام الأسمدة ومبيدات حشرية تؤدي لقتل الكائنات الحية الدقيقة
التي تعتبر مهمة في نمو النباتات، ناهيك عن القمامة التي لا يمكن إعادة تدويرها فيتم التخلص منها عن طريق دفنها في التربة،
ويمكن أن تستغرق ألاف السنين للتحلل، كما يشكل استخراج المعادن والوَقود الأحفوريّ، النفط، الذي يتسرب للتربة خلال نقله من مكان لأخر أو تخزينه،
خطورة كبيرة كذلك، وهو في نضوب مستمر رغم أضراره البيئية الجسيمة.
كما تعتبر الأمطار الحمضية
من أخطر الظواهر الطبيعية تدميراً للبيئة وإضراراًً بصحة الإنسان، و تشكل خطورة كبيرة على التربة حيث تقوم بخفض نشاط البكتيريا
المثبتة للنيتروجين، وانخفاض معدل تحلل المواد العضوية، مما يترتب عنه زيادة حجم البقايا النباتية على نحو يعوق فيه نفاذ الماء
إلى داخل التربة وعدم تمكن البذور من الإنبات، كما تؤثر على انخفاض إنتاجية الغابات والأراضي الزراعية، و يسبب تلوث التربة حالات
وفاة لا حصر لها وذلك بسبب تناول البشر للأغذية التي تزرع في تربة سامة.
ما هي عواقب تلوث الهواء
تلوث الهواء له تأثير كبير على العملية التطورية للنباتات من خلال منع التمثيل الضوئي في كثير من الحالات، مع عواقب وخيمة على الهواء النقي الذي نتنفسه.
عواقب تلوث الهواء على البيئة
يولد تراكم الغازات في الغلاف الجوي أيضًا مشاكل بيئية ذات عواقب معروفة للأسف،
من بينها المطر الحمضي، وانخفاض سمك طبقة الأوزون،
والاحترار العالمي، وتأثير الاحتباس الحراري، و انتشار هذه الغازات في الغلاف الجوي، وبشكل رئيسي ثاني أكسيد الكربون،
يزيد في المتوسط بنسبة 1٪ سنويًا، ترجع هذه الظاهرة إلى الخصائص التي تمتلكها بعض الغازات،
مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز والأوزون والكلوروفلوروكربون، في حبس حرارة الشمس في الغلاف الجوي،
مما يمنعها من العودة إلى الفضاء بعد أن تنعكس الأرض.
و يساهم تلوث الهواء في تكوين الأمطار الحمضية أو الأمطار الجوية
في شكل مطر أو صقيع أو ثلج أو رذاذ، يتم إطلاقه أثناء احتراق الوقود الأحفوري، وتتحول عن طريق ملامسة بخار الماء
في الغلاف الجوي، كما تغير الأمطار الحمضية كمية المواد الكيميائية في التربة والمياه العذبة، مما يؤثر على سلاسل الغذاء.
عواقب تلوث الهواء على صحة الإنسان
إن التعرض المستمر للعديد من الملوثات الهوائية يتسبب في تدهور صحة الإنسان،
حيث يمكن أن يسبب تلوث الهواء بشكل خاص مشاكل في القلب والأوعية الدموية، والحساسية، ونوبات الربو،
والتهاب الملتحمة، وأمراض الشعب الهوائية، وسرطان الرئة أو الجلد، ومشاكل الرؤية، وأمراض الدم، مشاكل في النمو العقلي للطفل،
والأكثر ضعفا و المعرضين للمرض بشكل كبير هم الأطفال والمسنين والحوامل والمرضى.
هذه هي الطريقة التي تمكن بها بعض العلماء
من إقامة علاقة مباشرة بين زيادة الجسيمات الملوثة في المدن و سماكة الجدار الداخلي للشرايين أو تصلب الشرايين، وقد أظهرت العديد
من الدراسات أيضًا أن مجموعات من الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المناطق الحضرية المزدحمة يعانون
من مشاكل في الجهاز التنفسي أكثر من المتوسط وهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، و هناك عدد أكبر بكثير من حالات
الأطفال المصابين بالتهاب الشعب الهوائية وبطء نمو الرئة في المدن الكبيرة.
اكبر معدلات التلوث في العالم
وفقًا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية، فإن ما لا يقل عن 92٪ من سكان العالم،
يتنفسون الهواء الملوث أيضًا بالجسيمات الدقيقة، و هناك تسعة من كل 10 أشخاص يتنفسون الهواء الملوث في جميع أنحاء العالم، حيث يموت سبعة ملايين شخص كل عام
بسبب التعرض للهواء الملوث. و تحدث حوالي 90٪ من هذه الوفيات في البلدان منخفضة الدخل، ولا سيما
في أفريقيا وآسيا، و نستعرض هنا قائمة بعض الدول الأكثر تلوثا في العالم، حسب المؤشرات و المعدلات منذ بداية سنة 2020.
- أفغانستان
تشهد أفغانستان حاليا ارتفاعا كبيرا في معدلات تلوث الهواء، مما أدى إلى حصد أرواح كثيرة أكثر من الحرب،
بعدما شهدت سنة 2017 وفاة 26 ألف شخص بسبب أمراض ناجمة عن تلوث الهواء، مقابل مصرع ثلاثة آلاف في العام نفسه بسبب الحرب،
منذ شهرين فقط مات 17 شخص في العاصمة كابول بسبب تلوث الهواء، في حين راجع 8813 آخرين المستشفيات بسبب اثار التلوث.
- ميانمار
إلى جانب تطورها السريع منذ عام 2011، تشهد ميانمار ارتفاعًا في تلوث الهواء في المناطق الحضرية،
و تشهد يانجون وماندالاي زيادة في الكثافة السكانية مقارنة مع النمو، و في عام 2019، تسبب تلوث الهواء في أكثر من 45000 حالة وفاة في ميانمار،
ولا تزال تدابير مكافحة التلوث في مهدها، وفي الأشهر الأولى من سنة 2020، زاد معدل التلوث بشكل ملحوظ مقارنة مع بقية البلدان كالصين و الهند.
- منغوليا
تعد هذه الدولة التي يوجد فيها أكثر من 3 ملايين نسمة، و يعيش 45 في المائة
منهم في العاصمة، من أكثر دول العالم تلوثا خصوصا بفعل الاستخدام الكبير للفحم
في التدفئة، و يواجه آلاف الأهالي مشكلة شائكة إذ يتعين عليهم الاختيار بين إبقاء أبنائهم في المنزل مع المجازفة
بصحتهم أو إرسالهم للعيش في الأرياف لحمايتهم من التلوث.
و يتسبب تلوث الهواء بأكثر من 4000 حالة وفاة في كل سنة،
كما أكد تقرير حديث لليونيسيف أنه في السنوات الأخيرة تضاعفت حالات الإصابة بالتهاب الجهاز التنفسي
بمقدار ثلاثة أضعاف تقريبًا، وأصبح الالتهاب الرئوي الآن السبب الرئيسي الثاني لوفاة الأطفال دون سن الخامسة.
- غانا
كشف تقرير حديث أن حوالى عشرين ألف مواطن يموتون سنويا فى غانا
بسبب التعرض لتلوث الهواء في البلاد، حيث توفى 2800 شخص تقريبا
فب العاصمة، ويتوقع أن يزيد العدد إلى حوالي 4600 شخص بحلول عام 2030.
- لبنان
نسب تلوث الهواء
ارتفعت نسب تلوث الهواء في لبنان بشكل ملحوظ، خلال العقد الماضي
و في بداية سنة 2020 حسب المؤشرات فقدت احتلت مركزا متقدما عالميا، وتجاوزت المستويات المسموح بها وفق منظمة الصحة العالمية،
و يبلغ معدل تلوث الجسيمات في بيروت (PM2.5) حوالى 32 ميكروغرام لكل متر مكعب، و الوضع يمكن أن يصبح سيئاً
للغاية خلال سبع إلى عشر سنوات إذا استمرت الكمية نفسها من الانبعاثات، كما أن المعالجات المعتمدة تبقى دون المستوى المطلوب.
كما احتلت بعض الدول نفس المراتب من خلال معدلات التلوث حيث تصدرت القائمة أيضا نيجيريا و موناكو و بنغلاديش و مصر و نيبال و البيرو والصين بطبيعة الحال والهند و العراق.
كورونا و تأثيرها على التلوث
سياسة
الحجر الصحي الكلي التي تتبعها كل بلدان العالم، للحد من انتشار وباء
كورونا القاتل، الذي حصد ما يزيد عن 120 ألف من الأرواح عبر العالم، فضلا
عن عدد الإصابات التي فاقت المليونين عبر العالم، وأثار الذعر في كل مكان،
علاوة على توجيهه ضربة قوية للاقتصاد العالمي، والتي لن تذهب أثارها
بسهولة حتى بعد تلاشي هذا الوباء.. اتضح أن هذه السياسة كان لها على
الجانب الآخر أثار إيجابية على الحياة الإنسانية، حيث تسببت في انخفاض
النشاط الصناعي، مما أسفر عن الحد من تلوث الهواء، وبالتالي إنقاذ آلاف
الأشخاص التي كانت تموت سنويا بفعل تلوث الهواء وتصاب بأمراض مزمنة.
و قد
عرفت الكثير من الدول انخفاضا في مستوى التلوث و القضاء على التلوث ،
فهناك عدة مدن صناعية كبيرة تراجعت مستويات التلوث فيها بنحو خمسين في
المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما عرفت انخفاضا مفاجئا في
انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري تزامنا مع إغلاق المصانع و قطاع
النقل والشركات.
وبطبيعة
الحال فيما يخص الجانب الصحّي فيعتبر أي تراجع في التلوث نبأ سار باعتبار
أن تلوث الهواء يتسبّب في 8,8 ملايين وفاة مبكرة سنويا في العالم، بحسب
دراسة حديثة.