لماذا تعتبر عمليات الإجهاض حرام شرعاً ؟.. ومتى تجوز

هل إتخاذ قرار الإجهاض يعتبر صعباً

إن الاجهاض في حد ذاته معناه القرار الذي تتخذه الأم من أجل القيام بالتخلص من الجنين، وهناك معنى آخر له هو نزول الجنين من رحم أمه دون سابق إنذار بسبب بعض المشاكل الصحية للأم أو للجنين.

فالإجهاض هو عندما ينتهي الحمل بحيث لا يؤدي إلى ولادة طفل بصورة طبيعية، ففي بعض الأحيان يطلق عليها ايضا “إنهاء الحمل” BPAS.

فقد يحدث حمل غير مخطط له أو غير مرغوب فيه، فهناك الآلاف من النساء اللواتي قررنا أن الإجهاض هو الخيار الصحيح لهم، بغض النظر عن معرفتهم ما إذا كان ذلك يحدث في إطار الدين أم لا، فقد يكون الهدف الأساسي لهم هو التخلص من ذلك الجنين في أسرع وقت.

فقرار الحصول على الإجهاض هو قرار صعب، فقد تكون بعض النساء متأكدين من أنهم يريدون الحصول على الإجهاض، بينما قد يجد الآخرون صعوبة في اتخاذ ذلك القرار.

وما يحدث في أثناء الإجهاض سيكون لديك موعد للحديث عن قرارك وما يحدث بعد ذلك، فكلما أمكن ذلك، يجب أن يكون لكي اختيار كيفية تنفيذ الإجهاض، فهناك عدد من الخيارات منها

  • الإجهاض الطبي وذلك من خلال استخدام حبوب منع الحمل الإجهاض، فسوف تأخذ الأم بعض الأدوية للحث على الإجهاض الجراحي.
  • إجراء جراحة من أجل إزالة الحمل : وعادة المنزل بعد فترة وجيزة بعد الإجهاض، ربما ستحتاج إلى أخذ الأمور بسهولة، ومن المحتمل أن تتبع تلك الجراحة النزيف المهبلي لمدة تصل إلى أسبوعين.

ما هو حكم الإجهاض في الإسلام

لقد اتفق العلماء بصفة عامة على تحريم الاجهاض بعد نفخ الروح في الجنين، والذي قد يبق تحديده أي بعد أربعين يوما كاملاً، وذلك على ذكر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ورد في الحديث الشريف (إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ)

ولقد أعتبر الدين الإسلامي أن عملية إجهاض الجنين بعد نفخ الروح، هي عملية قتل متعمد للنفس، وقد تم التأكيد على حرمانية ذلك
حتى ولو كان في بقاءه خطراً على حياة الأم كما نُقِل عن ابن عابدين أنّه قال: “لَوْ كَانَ الْجَنِينُ حَيًّا، وَيُخْشَى عَلَى حَيَاةِ الأُْمِّ مِنْ بَقَائِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَقْطِيعُهُ؛ لأَِنَّ مَوْتَ الأُْمِّ بِهِ مَوْهُومٌ، فَلاَ يَجُوزُ قَتْل آدَمِيٍّ لأَِمْرٍ مَوْهُومٍ”

ما هو حكم إجهاض الجنين قبل نفخ الروح

لقد أختلف العلماء في تفسير حكم إجهاض الجنين قبل نفخ الروح، فقد كان موضوع إختلاف بين العلماء وبعضهم البعض

فقهاء الحنفية

قد إتفق فقهاء الحنفية، على أن إجهاض الجنين بعذر قهري قبل نزول الروح فيها يجوز، وذلك لعدم وجود الروح، فلا يعتبر قتل بالمعنى المقصود به، ، فقد قال ابن وهبان في ذلك: “إن إباحة الإسقاط محمولة على حالة الضرورة”.

فقهاء المالكية

لقد اتفق العلماء المالكية على حرامنية الإجهاض قبل نزول الروح فيها حيث قال الدريدر: “لاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْمَنِيِّ الْمُتَكَوِّنِ فِي الرَّحِمِ وَلَوْ قَبْل الأَْرْبَعِينَ يَوْمًا”
وقد نُقِل عن الإمام مالك -رَحِمه الله- أنّه قال: “كُل مَا طَرَحَتْهُ الْمَرْأَةُ جِنَايَةٌ، مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ عَلَقَةٍ، مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدٌ، فَفِيهِ الْغُرَّةُ).

فقهاء الشافعية والحنابلة

وقد ذهب الشافعية والحنابلة، إلى وجود تحريم في الإجهاض وذلك قبل نزول الروح، وذلك لأن النطفة تكون بعد الاستقرار مهيأة لنفخ الروح والتخلّق وبالفعل قد أوجبوا على الإجهاض قبل النفخ في الصور وجود كفارة.

فقهاء العصر الحالي

فقد حرم الفقهاء الحالين الإجهاض في مراحله وجميع اطواره المختلفة، ولكنهم قد وضعوا درجات للتحريم والإثم المترتب عليه، والذي يختلف بإختلاف المراحل، ولا سيما أن الإجهاض يعتبر أعتداء على كائن حي قد خُلق لكي ينمو بأمراً من الله عز وجل

لذلك تترتّب على الإجهاض كفّارة قَتل النَّفس، ومِمّا يدلّ على ذلك ما نُقِل عن الإمام الغزاليّ -رَحِمه الله- من قوله في كتاب إحياء علوم الدين: “وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغة وعلقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً، ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حيّاً.

حكم الإجهاض بعد إكتمال أربعين يومًا

أما إن زاد الحمل عن أربعين يوماً فقد حرم إسقاطه، لأنه بعد الأربعين يوماً يكون علقة وهو بداية خلق الإنسان فلا يجوز إسقاطه بعد بلوغه هذه المرحلة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن في استمرار الحمل خطراً على حياة أمه، وأنه يخشى عليها من الهلاك فيما لو استمر الحمل.

متى تجوز عمليات الإجهاض

لقد اتفق العلماء في وجود حالة جواز إجهاض الجنين في المرحلة الأولى قبل إكتمال الأربعين، إذا كان هناك خطرا جاسما على حياة الأم، وذلك ايضا إذا كات في إجهاضه مصلحة شرعية، أو لدفع الضرر ، بالإضافة ايضا في حالة وجود تقرير لجنة طبية موثوقة تؤكد أن استمرار ذلك الحمل يعتبر خطرا على حياة امه ومن ثم بعد تجربة كل الوسائل الممكنة لتفادي ذلك الخطر.

لقد اختلف اهل العلم في ذلك، فإذا نفخت الروح في الجنين، يعتبر قتلاً، وكان في رأي كلا من الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية والحنابلة والظاهرية إلى تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح، مهما كان السبب، فقد تبين أن عمليات الإجهاض التي تحدث يتوجب عليهم بأن يقوموا بتقطيع وسحب الجنين أرباعاً.

وقد وافق العلماء بذلك ولكن في حالة أن الطفل كان ميتاٍ، فيما عدا ذلك غير مقبول في الشرع، لأنّ إحياء نفس بقَتل أخرى لم يَرد في الشَّرْع؛ واستدلّوا على قولهم بالعقل والقياس؛ فمِن العقل أنّ موت الأمّ بسبب الجنين موهوم لا يمكن تأكيده، كما أنّ الجنين بعد نَفْخ الروح أصبح آدميّاً لا يجوز قَتله لأمر موهوم و شُبهة غير مُؤكَّدة، بالإضافة إلى أنّ حياة الجنين وحياة أمّه مُستويتان في الاحترامية.

هل يجوز إجهاض الجنين بسبب وجود تشوهات؟

لقد اجمع العلماء على عدم جواز الإجهاض بسبب التشوهات الخلقية الشديدة بعد مرحلة نفخ الروح، وذلك لأنه قد أصبح نفساً يُحرم قتلها

ومن ثم قد اختلفوا في حكم إجراء عمليات الإجهاض قبل مرحلة نفح الروح بسبب بعض التشوهات الشديدة التي قد تؤثر فيه عقلياً وحركياً فيما بعد، ولذلك لقد أتفق مجموعة من كبار الدين في جواز إسقاط الجنين في حال تعرضه لتشوهات شديدة وغير قابلة للعلاج.