قال تعالى: «وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْر* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ»؛
ويدل قسم الله تعالى بصلاة الشفع والوتر ‑على أحد أوجه تفسير الآية- في سورة الفجر على أهميتها البالغة،
وأجرها العظيم، ويطلق اسم الشفع والوتر على صلاة الليل التي يصليها المسلم بعد العشاء،
وتبدأ بعدد زوجي من الركعات هو الشفع، ثم تختم بركعة واحدة وهي الوتر.. إليكم كيفية صلاة الشفع والوتر.
كيفية صلاة الشفع والوتر
تدل كلمة الشفع في اللغة على العدد الزوجي، وكلمة الوتر على العدد الفردي، وصلاة الشفع والوتر هي عدد فردي من الركعات،
وغالبا ما يعبر عنها بثلاث ركعات، تضم عددا زوجيا من الركعات في بدايتها وهو الشفع، ثم تتبعها ركعة واحدة وهي الوتر.
ويقرأ المصلي في الركعة الأولى من الشفع سورة الفاتحة ثم سورة الأعلى، وفي الركعة الثانية
يقرأ سورة الفاتحة ثم سورة الكافرون ويسلم بعد تلك الركعة،
وبعدها يصلى الركعة الثالثة منفردة، ويقرأ فيها سورة الفاتحة ثم سورة الإخلاص؛ وذلك لما ورد عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون،
وقل هو الله أحد» (رواه النسائي وأحمد وأبو داوود).
ويمكن أن يصلي الشخص صلاة الشفع والوتر متصلة بدون تسليم بعد أول ركعتين،
ولكن في هذه الحال لا تكون مثل صلاة المغرب؛
فلا يقعد فيها للتشهد الأوسط، ويكون فيها قعود واحد للتشهد الأخير فقط. ويجوز للشخص أن يصلي الشفع والوتر بأكثر من ثلاث ركعات، فيصلي خمس ركعات،
أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل،
ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل» (رواه النسائي وأحمد وابن ماجة وأبو داوود }
حكم صلاة الشفع والوتر
صلاة الشفع والوتر ليست من الصلوات المفروضة؛ فهي ليست واجبة، ولكنها صلاة مستحبة،
وهي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان ‑عليه السلام- يحافظ على الوتر في كل ليلة،
وكان كثيرا ما يصلى الشفع والوتر إحدى عشرة ركعة.
ولا يجوز أن يصلى الشخص صلاة الشفع والوتر أكثر من مرة في الليلة الواحدة؛ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«زارنا أبو طلقُ بنُ عليٍّ في يومٍ من رمضانَ فأمسى بنا، وقامَ بنا تلْكَ اللَّيلةَ وأوترَ بنا،
ثمَّ انحدرَ إلى مسجدٍ فصلَّى بأصحابِهِ حتَّى بقيَ الوترُ،
ثمَّ قدَّمَ رجلاً، فقالَ لَهُ: أوتر بِهم؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: لاَ وترانِ في ليلةٍ».
فضل صلاة الشفع والوتر
صلاة الشفع والوتر لها أجر كبير، وفضلها عظيم؛ حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها دائما
ولا يتركها أبدا حتى لو كان على سفر،
كما يدل قسم الله تعالى بالشفع والوتر في أول سورة الفجر كما ورد في أحد التفسيرات على أجرها الكبير وفضلها العظيم.
وحث رسول الله ‑صلى الله عليه وسلم- المسلمين على أداء صلاة الشفع والوتر في كثير من الأحاديث؛
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن خاف ألّا يقومَ من آخِرِ الليلِ، فلْيُوتِرْ أولَه،
ومَن طَمِع أن يقومَ آخِرَه فلْيُوتِرْ آخِرَ الليلِ فإن صلاةَ آخِرِ الليلِ مشهودةٌ، وذلك أفضلُ».
ومما ورد أيضا في فضل صلاة الشفع والوتر، قوله صلى الله عليه وسلم:
«يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر» (رواه أبو داوود والنسائي)،
وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: » أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث:
صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» (رواه البخاري ومسلم)
وقت صلاة الشفع والوتر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ زادَكم صلاةً، وهي الوترُ، فصلّوها بين صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الفجرِ»؛
فحدد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وقت صلاة الشفع والوتر ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر.
وأفضل وقت لصلاة الشفع والوتر هو آخر الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألّا يقومَ من آخرِ اللَّيلِ فلْيوتِرْ أولَه،
ومن طمع أن يقومَ آخرَه فلْيوتِرْ آخرَ الليلِ، فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مَشهودةٌ، وذلك أفضلُ».
القنوت في صلاة الشفع والوتر
يستحب في صلاة الشفع والوتر القنوت (وهو دعاء خاص)، ويستحب أن يقنت المصلي بما ورد عن الحسن بن علي؛ فقد قال:
«علَّمَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلِماتٍ أقولُهُنَّ في قنوتِ الوِتْرِ: اللهم اهدني فيمَنْ هَدَيْتَ، وعافِني فيمَنْ عافَيْتَ،
وتولَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وبارِكْ لي فيما أَعْطَيْتَ، وقِنِي شرَّ ما قضَيْتَ؛
فإِنَّكَ تَقْضِي ولَا يُقْضَى علَيْكَ،وإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ واليْتَ، تباركْتَ ربنا وتعالَيْتَ».
والقنوت في صلاة الشفع والوتر يكون في الركعة الأخيرة من الصلاة وهي ركعة الوتر، بعد القيام من الركوع وقبل السجود.