كيف نساعد المراهقين على فهم المتنمرين والتعامل معهم
نأتي إلى هذا العالم ونحن نرغب بشيئين اثنين:
السعي للتواصل مع الآخرين، والخوف من أن نتعرض للرفض.
بدأ هذا الخوف في أيام الحياة القبليَّة عندما كان الناس يخرجون للصيد وتجميع الفواكه،
فيقومون بذلك في مجموعات للمحافظة على سلامتهم، وأي شخص يتم استبعاده من القبيلة،
يعرض نفسه لخطر الجوع أو الموت بسبب العطش أو أن يهاجمه حيوان بري.
فحاجتنا لأن نكون جزءاً من مجموعة هو أمر مرتبط بأذهاننا منذ ملايين السنين،
وهو متعلق أيضاً بحاجتنا كبشر للبقاء على قيد الحياة.
لذلك، فإن هناك حاجة ملحة لدى الأطفال تدفعهم دائماً للتواصل والانتماء إلى المجموعة،
تبدأ هذه الحاجة في سن مبكرة وتتطور أكثر في سنوات المراهقة، التي يكون فيها المراهق يبحث عن هويته وقيمته الذاتية.
المجموعة هي “القبيلة” التي يحتاج المراهقون إلى الانتماء إليها ليشعروا بالأمان والقبول،
وإحدى الطرق التي يترابط فيها أفراد المجموعة فيما بينهم هي باستبعادهم لشخص معين واتفاقهم على ذلك.
أي أن التواصل بين أفراد المجموعة يكون مبنياً على التنمر على ذلك الشخص الآخر،
وهنا يأتي دور ضغط الأقران؛ الشعور بالضغط للتنمر على شخص معين فقط من أجل الإنسجام والتواؤم مع المجموعة،
وهذا أمر شائع جداً بين الأطفال والمراهقين.
يتميز الطفل المتنمر بتدني القيمة الذاتية لديه، فقد أظهرت الدراسات أن معظم المتنمرين يتعرضون للتنمر في المنزل،
وبما أنهم لا يستطيعون الحصول على هذا التقدير لذواتهم من الداخل،
فإنهم يحاولون الحصول عليه من عناصر خارجية، وذلك عن طريق التقليل من شأن شخص آخر.
التشبيه المثالي لذلك هو لعبة أرجوحة التوازن (Seesaw)،
لا يستطيع المتنمر الصعود للأعلى ما لم يدفع الشخص على الطرف الآخر للأسفل!
شيء واحد يجب أن تعلموه لأطفالكم هو أن المتنمرين لا يمكن أن يؤذوهم إلا إذا استمعوا لكلامهم وصدقوه عن أنفسهم.
بمعنى آخر: لا يمكن لأحد أن يرفضك أو يتنمر عليك بدون إذن منك!
وأفضل طريقة لمنع المتنمر هي بالرد عليه، مراراً وتكراراً بعبارة: “شكراً لك على كلامك!”.
هذه العبارة السحرية لها قوة تفجر فقاعة المتنمر وتوقفه عند حده، فلا يعرف ماذا عليه أن يفعل بعد ذلك.
ومع ذلك، فإنه من المهم أن نفهم أن كلا الطرفين، المتنمر والمتنمر عليه،
يعانيان من مشاكل تقدير للذات وثقة بالنفس، لذا من المهم مساعدتهما من خلال الاستشارة والعلاج والوسائل الأخرى.
إن التواصل مع المتنمر، الذي هو في الواقع طفل صغير، لاستعادة ثقته المفقودة وقيمته الذاتية،
هو الخطوة الأولى لمساعدته على التحول والتخلي عن هذا النوع من السلوك.
لكن ما يحدث عادة، هو أننا كأهل ومعلمين وأطفال زملاء له،
نتجه إلى إدانته ووصفه بأنه “متنمر”. لسوء الحظ، ما لا يعرفه معظم الناس هو أنه عندما تصنف طفلاً،
فإنك تقيده بما صنفته به!
فيصبح هذا التصنيف وصمة وقناعة لديه.
من خلال هذه التصنيفات، نحن نقيد الطفل في دور واحد محدد هو دور المتنمر،
وبذلك لا نعطيه مجالاً ليغير هذه الصفة، فيستمر الطفل بالقيام بسلوكيات تعكس
قناعته الداخلية عن نفسه بأنه شخص متنمر، وهي قناعة نكون نحن أنفسنا ساعدنا في ترسيخها لديه.