هناك الكثير من الصلوات التي قام بها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في أوقات معينة
ولم يقم بها مرة أخرى، مثل صلاة الفتح أو أنواع معينة من صلاة التطوع، فهي صلوات تعبر عن الشكر والامتنان لله عز وجل،
حيث يبحث الرسول دائما عن السعادة والراحة عندما يسجد لله تعالى، ويحمده ويشكره على نعمه وفضله،
لذلك هناك صلوات لم يقم بها أحد ولم يصلها أحد من قبل.
صلاة الفتح لم تصل منذ 332 عام
أكد الكثير من العلماء الذي قالوا أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قام بأداء صلاة من ثمان ركعات
وكان ذلك في عام الفتح، وهو العام الذي دخل فيه مكة، حيث أكدوا أنها كانت من أجل شكر الله على نعمة الفتح، وجاءت العديد من الدلائل على هذا كالآتي :
- قال محمد بن نصر المروزي : ” وأما الصلاة والسجود عند حوادث النعم شكراً لله عز وجل ، فمن ذلك : أن الله لما أنعم على نبيه صلى الله عليه وسلم بفتح مكة اغتسل وصلى ثمان ركعات شكراً لله عز و جل “
- . انتهى من ” تعظيم قدر الصلاة” (1 /240) .
- وقال ابن حجر: ” فيه مشروعية الصلاة للشكر” . انتهى ” فتح الباري ” (3 / 15) .
- وقال ابن القيم رحمه الله : “ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل وصلى ثمان ركعات في بيتها ، وكانت ضحى ، فظنها من ظنها صلاة الضحى ، وإنما هذه صلاة الفتح.
- أم هانئ بنت أبي طالب ، وهي التي روت هذا الحديث ، صرحت في لفظ حديثها بأنها كانت صلاة الضحى ، وهو خلاف ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله في كلامه السابق .
- وفي القصة ما يدل على أنها بسبب الفتح شكرا لله عليه ، فإنها قالت : ما رأيته صلاها قبلها ولا بعدها ” انتهى من ” زاد المعاد ” (3 /361) .
- فروى مسلم (336) عنها قالت : (لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى).
صلاة الفتح
ولكن أيضا هناك الكثير من الاختلافات التي جاءت عن هذا الحديث وهو ما يدل على أن هذه الصلاة
لا يتم تعميمها على جميع الحالات، فهي تختص بالنصر والفتح، وهذا ما أكد عليه ابن كثير عندما قال :
” هي صلاة الشكر على النصر ، على المنصور من قولي العلماء ” حيث قال هذه الكلمات من خلال كتابه البداية والنهاية (1 / 324).
وأيضا كان هناك الكثير من الأمراء الذين إذا قاموا بفتح حصن أو بلد معين، كانوا يؤدون صلاة عقب الفتح،
وكان ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” وكانوا يستحبون عند فتح مدينة أن يصلى
الإمام ثماني ركعات شكراً لله ، ويسمونها : صلاة الفتح ” . انتهى ” مجموع الفتاوى” (17 / 474) .
صلاة التطوع
وهناك من يقول أن صلاة الفتح تعتبر نوع من أنواع صلاة التطوع، فصلاة التطوع هي كل صلاة زادت عن خمس صلوات مفروضة على الإنسان وهم : الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، حيث روي عن الشيخان طلحة بن عبيد الله، أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلوات؟ فقال: ((خمس صلواتٍ في اليوم والليلة))، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطَّوَّعَ) ؛ (البخاري – حديث: 46 / مسلم – حديث: 11).
فضل صلاة التطوع
- روى أبو داود عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أولَ ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته – وهو أعلم -: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامةً كتبت له تامةً، وإن كان انتقص منها شيئًا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوعٍ؟ فإن كان له تطوع، قال: أتمُّوا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني – حديث: 770).
- فصلاة التطوع لها فضل كبير عند الله تعالي، فهي تقرب العبد من ربه.
- روى ابن ماجه عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقيموا ولن تُحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمنٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني – حديث: 224).
- عند الإكثار من صلاة التطوع فهذا يعوض عن نقص الشخص لصلاة الفرائض، فيتم التطوع من خلال التقرب من الله عن طريقها.
- روى مسلم عن ربيعة بن كعبٍ الأسلمي، قال: كنت أبِيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئه وحاجته، فقال لي: ((سَلْ))، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: ((أوْ غيرَ ذلك))، قلت: هو ذاك، قال: ((فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود))؛ (مسلم – حديث: 489).
- روى مسلمٌ عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل أعمَلُه يدخلني الله به الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحط عنك بها خطيئةً))؛ (مسلم – حديث: 488).
- روى الشيخانِ عن زيد بن ثابتٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرةً في المسجد من حصيرٍ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لياليَ حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلةً، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال: ((ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كُتب عليكم ما قمتم به، فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضلَ صلاة المرء في بيته، إلا الصلاةَ المكتوبة))؛ (البخاري – حديث: 6113 / مسلم – حديث: 78).
- روى أبو داود عن زيد بن ثابتٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاةُ المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبةَ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني – حديث: 922).
- أيضا حرص الشخص على القيام بصلاة التطوع بشكل دائم ويومي، ويعتبر هذا الأمر هو نوع من المحبة والشكر وامتنان علي فضل الله تعالي على الإنسان، والاعتراف بفضله عليه، فكلما قام بها العبد كلما تقرب أكثر إلى الله.
وأيضا أكد الكثير من العلماء أن صلاة التطوع تعتبر أفضل الأعمال التي يقوم بها العبد سواء كان ما يقوم به مجهود بدني إذا كان جهاد في سبيل الله أو علم ينتفع به الناس، فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (استَقيموا ولن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولن يُحافظَ علَى الوضوءِ إلاَّ مؤمنٌ).وأيضا هناك فضل كبير في أداء صلاة التطوع في البيت وذلك بهدف الحصول على البركة التي تحل عند أداء صلاة التطوع في البيت وجاء ذلك من خلال قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا قضى أحدُكم الصلاةَ في مسجده، فليجعلْ لبيتِه نصيبًا من صلاتِه، فإنَّ اللهَ جاعلٌ في بيتِه من صلاتِه خيراً).