سوء الظن أنواعه وأسبابه وما قيل عنه بالقرآن والسنة من أقبح الصفات التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان، حيث أنها تجلب الكراهية بين البشر وتسبب العداوات، لأن الإنسان المسيء بالظن ينسج في خياله أشياء لا تمس الواقع، مثل أن الجميع يكره أو لا يحب له الخير أو أن كلامه الحسن ورائه شر له، فبذلك يكون دائمًا معتقد أن جميع البشر أعدائه، لذلك قال الله في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ) [سورة الحجرات: آية 12].
سوء الظن وانواعه وجزاءه
أفضل شيء يثقل من ميزان المؤمن، هو التحلي بالصفات الحسنة والخلق الرفيع، فالأخلاق الحسنة سبب كبير في حب الله للعبد ومن ثم الفوز بالجنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
((إنَّ من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا)) رواه الترمذي.
كما أنها تبارك في العمر وتكون سبب البركة فقال الرسول ((حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار)) رواه أحمد.
معنى سوء الظن اصطلاحًا، هو الشك وعدم الثقة بأي شخص يعرفه ممن يجب أن يثق به ولا يشك به أبدًا، وقد عرفه ابن القيم:
(سوء الظن: هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس؛ حتى يطفح على اللسان والجوارح).
الظن يحمل جانبين جانب خير وجانب شر، فيترك الإنسان الجانب الخير ويذهب بخياله إلى الجانب الشر، ويصدق نفسه في ذلك ويخبر الناس فتكون الفتنة، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(لا يحل لأمرئ مسلم يسمع من أخيه كلمة يظن بها سوءًا، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجًا).
قد يهمك سوء الظن أنواعه وأسبابه وما قيل عنه بالقرآن والسنة ومعرفة: من هم أهل السنة والجماعة
آيات عن سوء الظن من القرآن الكريم
آيات سوء الظن في القرآن كثيرة، وذلك لأن سوء الظن من الصفات التي نهى عنها الله عز وجل، لأنها بغير دليل يثبت قوله، ومن هذه الآيات:
﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ سورة يونس، فمعني الآية أن المشركين يقولون ما ليس له دليل علي وقوعه، وقولهم البهتان هذا لن يبدل الحقيقة، لأن الله يعلم ما يقولون ويفعلون.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) سورة الحجرات، يخبر الله المؤمنين، بأن يبتعدون عن سوء الظن بالناس بدون حقيقة أو دليل، لأن احتمال الشر في الخلق أثم وذنب.
وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ سورة النجم، أي علمهم ليس صحيح بل هو بهتان وكذب، واتباعهم لهذا لن يفيده ولن يكون مكان قول الحق أبدًا.
سوء الظن في السنة
حثنا رسولنا الكريم على التحلي بمكارم الأخلاق، والبعد عن كل صفة مكروهة مذمومة، ومنها سوء الظن بالناس، وأخبرنا بالكثير من الأحاديث الشريفة التي تبغض هذا الفعل منها:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: «إيَّاكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث»، استخدم رسولنا الكريم أسلوب التحذير إياكم، ليحذرنا بأن لا نشك ونتهم الغير بدون دليل، لأن ذلك يكون في مقام الكذب بل أشد أنواع الكذب.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يَمُوتَنَّ أحدُكم إلا وهو يُحسنُ الظَّنَّ بالله -عز وجل-»
يوضح الحديث أن يجب على المسلم أن يعيش حياته ما بين الخوف من الله والخوف من غضبه عليه، وما بين رجاء حب الله ورضاه، ولكن وقت الموت يثق في الله وبحسن الظن به، بأنه سيرحمه ويغفر له ويرضي عنه.
عن أبي أمامه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم)، أي أن اتهام الناس بما ليس فيهم، وسوء الظن بالعباد، يسبب الفساد.
قد يهمك سوء الظن أنواعه وأسبابه وما قيل عنه بالقرآن والسنة ومعرفة: من هو ذو القرنين | 8 حكم توجد في
أنواع سوء الظن
بعض المسلمين قد لا يعرفون أن سوء الظن جرم كبير، فهو كذب وبهتان بغير حق، مما ينتج عنه فساد القلوب بالغيبة والنميمة وكراهية الغير، وسوء الظن أنواع وهما:
سوء الظن برب العالمين: ومعنى ذلك أن يشك المؤمن في رحمة الله وعفوه عن العباد، وأن الله لن يقف معه في تيسير أموره أو يغفر ذنوبه.
وأنه سيدخل النار لا محاله، وأن الله لن يرفع من دين الإسلام ولا رايته، وهذا كذب وسوء ظن بالله، وتوعد الله لهم، بأنه سيغضب عليهم ويدخلهم النار، وعلى المؤمن أن يتوب ويتضرع إلى الله لكي يتوب عليه ويغفر له.
سوء الظن بالعباد: بأن يحدث العبد نفسه بأشياء سوء، ثم تظهر للعامة ولصقها بغير دليل إلى الصالحين، ونهى الله عن ذلك وجعله من الكبائر، وقد ذكر الله هذا الفعل في كتابه العزيز في مواضع كثيرة، وتوعد لمن يتحلى بهذه الصفة الذميمة.
الأسباب التي تجعلنا نسوء بالظن
هناك العديد من الأسباب نذكر منها:
- عدم معرفة شرع الله، فقد يجهل بما جاء في الكتاب والسنة عن كون هذا الفعل من الكبائر، فيفعل ذلك دون قصد.
- اتباع هواه، والقصد في أذية الغير، وفعل ما تريده نفسه من خصال سيئة.
- إصابة العبد بمرض الحقد والغيرة والحسد، فهذه الأمراض بالطبع تجعل الإنسان يظن الشر في الغير، فقد قال على رضي الله عنه: (لا تكثر الغيرة على أهلك، فتُرمى بالسوء من أجلك).
- من يرمي الناس بالسوء، بالطبع ستلحق الناس به السوء، وقد قال سيدنا عمر رضي الله عنه: (من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومنَّ من أساء به الظنَّ).
ولسوء الظن آثار سيئة منها:
- انتشار البغضاء والكراهية بين الأفراد.
- فقدان الثقة بالآخر، فالكل سيكون موضع شك.
- تعرض المؤمن بالاكتئاب وعدم الراحة، والإصابة بالأمراض النفسية.
- سوء الظن يسبب الشرك برب العالمين، وبالتالي سيقع عليه لعنة الله وغضبه.
- تسبب الكثير من المشاكل بين الأفراد، مما يؤدي إلى دخول الشيطان بينهم.
قد يهمك سوء الظن أنواعه وأسبابه وما قيل عنه بالقرآن والسنة ومعرفة: ما هو حكم العقيقة وشروطها في الإسلام
حكم سوء الظن
المحرم وهو سوء الظن بالله عز وجل والأنبياء والتكفير برسالتهم والمسلمين الصالحين، وحكمهم جرم من الكبائر وكفر، فقد ابن القيم: (أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به)، وقال النووي: (ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع).
الجائز وهو في حالة أن كان الشخص التي أتهم من أصحاب المفسدة والأخلاق الذميمة، أو في حالة حدث الإنسان به نفسه ولم يعلن به أي شخص آخر، فقد قال الرسول الكريم: (إنَّ الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل).
وهناك مستحب، كالذي بينك وبينه عداوة، فتسوء الظن بمكره، خوفًا أن يكيد الشر لك، وأيضًا الواجب، فيكون واجب سوء الظن في أمور تتعلق بالدين والشرع.
ولكي تبعد عن هذا الأمر المنكر عليك:
جهاد النفس وتطويعها لشرع الله ودينه.
والبعد عن أصدقاء السوء، والاقتراب من الصالحين الذين ينفذون شعائر الله في الأرض، حيث قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).
عدم السعي وراء عيوب الآخرين، وإذا حدثت نفسك بالسوء، حاول أن تبرر الحدث إلى الخير دائمًا.
سوء الظن أمر مذموم وذنب عظيم، يجب الاستغفار منه والتوبة إلى الله وطلب العفو، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى سوء الظن أنواعه وأسبابه وما قيل عنه بالقرآن والسنة.