آداب الاستئذان عند دخول البيوت
يعتبر الاستئذان مهمًا جدًا في الكثير من المواقف، ولعل من أبرزها وأهمها استئذانك عند دخولك أحد البيوت، فمن الأدب ألّا تسمح لنفسك بدخول البيوت إلّأ بعد أخذ الاذن من أهلها.
طلبك الإذن بالدخول يمثل واحدًا من آداب الاستئذان، ودخولك دون أخذ الاذن هو تعدي على حقوق غيرك، وليس من الأدب بشيء.
والأمر نفسه بالنسبة لأفراد المنزل ذاته، فإنّ هذا الشيء مهم كذلك عندما يرغب الشخص بدخول غرفة شخص آخر في منزله.
وبالنسبة للاستئذان في الزيارة يكون الأمر الأهم هو معرفة ما إذا كان هناك أذى لغيرك اذا قمت بزيارته دون استئذانه أم لا، وحتى زيارة الوالدين لا مانع منها إذا لم يلحق به أذى لهما، لكن من الأفضل بشكل عام في حال كانت الزيارة لقريب أو غيره أنْ يكون هناك استئذان مسبق وقد تطورت وسائل التواصل في عصرنا هذا، والأمر أصبح سهلًا للغاية إذا أردت إعلامه بالأمر ، وذلك حتى يتهيأ الشخص الذي تنوي زيارته لزيارتك له، ولا يترتب على زيارتك له أي حرج له.
وقبل الدخول على الوالدين فيتوجب على الشخص الاستئذان ثلاثًا قبل دخوله، والسؤال بإذن الدخول، ورأى العديد من رجال الدّين أنّ الاستئذان قد يكون بوسائل أخرى وتختلف هذه الوسائل حسب العصر والبيئة التي يعيش بها الإنسان.
على سبيل المثال قد يكون الاتصال هاتفيًا أمرًا كافيًا، أو دق الباب عند الوصول أو الجرس، أو إلقاء السلام، أو حتى التنحنج بالكلام.
آداب الاستئذان في سورة النور
تم
ذكر آداب الاستئذان وأوقاتٍ لها في سورة النور، في الآية رقم 58، يقول
الله تعالى:”يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم
يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من
الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح
بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم
حكيم”
والآية ذكرت أوقاتًا ثلاثة للاستئذان، بالإضافة لفئات معينة
ملزمة بالإستئذان، ويخاطب بها الله المؤمنون، ومن عليه الاستئذان هم غير ما
ملكت أيمانكم، أو الأطفال الأحرار دون سن البلوغ، فدونهم عليه الاستئذان
عند الدخول، ومن الأدب ألّا يدخلوا دون استئذان.
ويكون الوقت في الاستئذان لمن ملكت أيمانكم او الاطفال ذكورًا أو إناثًا في أوقات ثلاثة وهي أوقات كشف العورات، وهي:
- الوقت الذي يكون قبل صلاة الفجر، لأنه وقت الخروج من ثياب النوم، ولبس ثياب الاستيقاظ.
- وقت خلع الثياب للقيلولة في فترة الظهيرة.
- الوقت بعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت الذهاب للنوم.
حيث أنّ هذه الأوقات يقل فيها التستر، أما فيما دونها من الأوقات فلا مانع إذا دخلوا عليكم بغير إذن ، وذلك لأنّ لهم حاجة في دخولهم وهم لخدمتكم.
ولكن
ما سوى ما ملكت أيمانكم أو الصبيان دون البلوغ، فعليهم الاستئذان في كل
وقت، و قال الطبري: حكم ما ملكت إيماننا من ذلك حكم واحد سواء فيه حكم
كبارهم وصغارهم من أن الإذن عليهم في الساعات الثلاث.
ولكن إنْ كان من
المعتاد في البيوت أنْ يكون وقتًا معينًا هو وقت معروف ويكثر فيه كشف
العورات، فيدخل هذا الوقت ضمن الأوقات التي تستلزم الالتزام بآداب استئذان
الدخول.
وأما تفسير قوله تعالى في سورة النور، الآية 59: “وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”
هنا بالنسبة للأطفال البالغين، فعليهم الاستئذان، قبل الدخول عليكم في أي وقت من أوقات اليوم، ويكون دخولهم بعد السماح لهم، واعطائهم الإذن.
وذلك يشمل كافة الأوقات أوقات العورات الثلاثة التي ذكرت في الآية 58، وغيرها من أوقات اليوم.
آداب الاستئذان في القرآن
اعتبر الاسلام الاستئذان واحدًا من الآداب الفضيلة، وواحدًا من آداب العلاقات بين الفرد وأخيه، وأمر المسلم باتباعها لما يحمله من فوائد على العلاقات الاجتماعية للأفراد، ولما فيه من احترام لحقوق الغير، وتقوية الرّوابط بين النّاس.
والاستئذان هو من الآداب التي
شرعها الإسلام في القرآن الكريم، وكما وجاء تشريعها في العديد من نصوص
السنة النّبوية، وقد يظن الكثير من النّاس أنّ الأمر هيّن، ولكنه ليس كذلك
فمن حق كل فرد أنْ يكون مطمئنًا في بيته، وأنْ يأمن حرمة بيته، ويكون
مستورًا عن عيون النّاظرين.
كما أنْ الاستئذان يحفظ للفرد خصوصيته في
أكله وشربه، وملبسه، ونومته ، وذكر الله في كتابه الكريم، حيث قال: “يا
أيها الذين آمنوا، لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتّى تسأنسوا وتسلموا على
أهلها، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون” (النور 27)
وذكر في الآية آدابًا ثلاثة للاستئذان وهي:
- عدم وقوف الفرد أمام الباب عندما يريد الاستئذان، وإذا كان الباب مفتوحًا فمن الواجب عليه أنْ يردّ الباب، ويلزم غض البصر.
- يكون الاستئذان ثلاث مرّات، وإذا لم يُؤذن له فعليه أنْ يرجع.
- على الطارق أنْ يوضح ويذكر اسمه في حال سؤال أهل البيت عن الشخص الذي يأخذ الاذن بالدخول.
آداب الاستئذان والزيارة في السنة
اشتملت السنة النبوية على الكثير من النصائح والأمر بالالتزام بآداب الاستئذان في واقع حياتنا الاجتماعية، وهناك الكثير من فوائد الاستئذان التي تعود على الشخص والعلاقات الاجتماعية في حياته.
وجاءت مشروعيته مبينة وواضحة في نصوص السنة النبوية الشريفة، ووضعت له التعاليم، والآداب المتعلقة به، وهي:
تقديم السلام على الاستئذان
جاء
في حديث عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صححه الألباني، ورواه الترمذي،
أنّ رجلًا دخل عليه دون استئذان أو سلام، فقال له النبي عليه أفضل الصلاة
والسلام:”ارجع فقل: السلام عليكم، أأدخل؟”.
كما قال النبي في حديثٍ آخر أخرجه أبو يعلي والبيهقي، صلّى الله عليه وسلّم:”لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام”.
فإن أُذِنَ له وإلا فليرجع: فمن هدي النبي صلى الله عليه وسلم القولي في ذلك: قوله: «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع» أخرجه البخاري.
اختيار مكان مناسب عند الاستئذان
يجب على الشخص أنْ يختار المكان المناسب الذي يأخذ وينتظر فيه الإذن بالدخول، بحيث لا يكون من ذلك المكان يكشف عورات البيوت.
في حديثٍ أخرجه الزار، وقام بتصحيحه الألباني، عن النّبي محمد عليه الصلاة
والسلام، قال:”لا تأتوا البيوت من أبوابها، ولكن ائتوها من جوانبها، ثم
سلموا، فإنْ أُذن لكم فادخلوا، وإلا فارجعوا”.
وكان الرسول إذا وقف بباب أحدٍ، يقف من جنبه الأيمن أو الأيسر، ومن ثمّ يسلم، ولا يقف بوجهه لأبوابهم، وكذلك على المسلم أنْ يُعلم أهل البيت باسمه.
كما أنّه من الآداب عندما يترك مجلس أحدهم أنْ يأخذ الإذن من صاحب المنزل، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: :إذا زار أحدكم أخاه، فجلس عنده فلا يقومن حتى يستأذن” أخرجه الضياء في المختارة وصححه الألباني.
ومن آداب الاستئذان الأخرى، هي أنّ على الرجل أن يستأذن صاحب المنزل، في إمامته لأخيه، وأن يطلب الإذن من صاحب البيت عندما يريد أنْ يجلس في مكانه الخاص أو في فراشه، أو غيره مما يخص صاحب البيت.