ننسج شعر عن الحب يسعد به كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب في شرع الدنيا الفانية حيث يكبرُ الإنسان فيزداد عمره ويهرمُ جسده وتنقضي حياته، أما من اتخذ الحب مهنته فلا يهرم قلبه، لم يتوانى ذوي السليقة اللغوية ونسّاجي الأدب في كافة الأرجاء عن نسج خيوط شعر عن الحب، يتألق نجمها في سماء العاشقين ويتغنى بها كل حبيب، ويسعد بها كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب، ويترنم بها كل باحث عن الحب توّاقٌ إليه.
شعر عن الحب
إن الظمآن إذا ولج الحب ارتوى قلبه، الحب شمعة ضياء تنير ظلام كل من اشتاق لصوت دقات قلبه ورغب البقاء في كنف الحب.
الحب أُنسٌ وسكن وود، والمحبُّ وليفٌ للروح ورفيقٌ للدرب. الحب الصادق يعتبر طفرة بعالم مُلء بالكذب وتبدل المشاعر، الحب الصادق يُجمّلك ويجعل تشعر من جديد،
في تجربته متعة وشغف ودقة قلب موجعة؛ لكنه وجع محبب. إن المحب لحبيبه حياة وبها المستقر، وهنا نجد شعر عن الحب يصف ويسلب الأرواح بفيض كلماته وتجسيد الشعور.
لا يخفى علينا بلاغة وروعة وفصاحة المتنبي وما ينسجه من بديع الشعر، مثلما قال:
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي .. وَلِلحبِّ مالَم يَبق مِنّي وَما بَقي
وَما كُنت مِمَّن يَدخل العِشق قَلبهُ .. وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونكِ يَعشَقِ
وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى .. مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبهُ.. وَفي الهجرِ فَهوَ الدَهر يُرجو وَيُتَقي
وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا.. شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ
وَأَشنب مَعسولِ الثَنيّاتِ واضِحٍ .. سَتَرت فَمي عَنه فَقَبَلَ مَفرِقي
وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني .. فَلَم أَتَبَين عاطلاً مِن مُطَوَقِ
وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا .. عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي
سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها .. وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ
أما جميل بثينة شاعر الغزل يخطو حبًا وغزلاً قائلاً:
أَرَى كُلّ مَعشُوقَينِ، غَيرِي وَغيرَهَا * يَلَـذّانِ فِـي الدنيا ويَغْتَبِطَـانِ
وَأَمشِي، وَتَمشِي فِي البِلاَدِ، كَأنّنَـا * أَسِيـرَان، للأَعـدَاءِ، مُـرتَهَنَـانِ
أُصَلِّي فَأَبكِي فِي الصَّـلاةِ لذِكرِهَـا * لِيَ الوَّيـلُ مِمَّـا يَكتُـبُ المَلَكَـانِ
مِنْتُ لَهَـا أَنْ لاَ أَهِيـمَ بِغَيرِهَـا * وَقَدْ وَثِقَـتْ مِنِّـي بِغَيـرِ ضَمَـانِ
أَلاَ، يَا عِبادَ الله، قُومُـوا لِتَسمَعُـوا * خُصومـةَ مَعشُوقَيـنِ يَختَصِـمَانِ
وَفِي كُلّ عَـامٍ يَستَجِـدّانِ، مَـرّةً * عِتَاباً وَهَجـراً، ثُـمّ يَصطلِحَـانِ
يَعِيشانِ فِي الدنيا غَرِيبَيـنِ، أَينَـمَا * أَقَامَـا، وَفِـي الأَعـوَامِ يَلتَقِيَـانِ
وَمَا صَادِيَاتٌ حُمْنَ، يَومـاً وَلَيلَـةً * عَلَى المَاءِ، يُغشَيْنَ العِصيَّ، حَوَانِـي
لواغِبُ، لاَ يَصْدُرْنَ عَنـهُ لِوَجْهـة * وَلاَ هنّ مِنْ بَـردِ الحِيَـاضِ دَوَانِـي
يَرَينَ حَبابَ المَاءِ، وَالمَـوتُ دُونَـهُ * فَهُـنّ لأَصـوَاتِ السُّقَـاةِ رَوَانِـي
بِأَكثَـرَ مِنّـي غُـلّـةً وَصَبَـابَـةً * إِلَيـكِ، ولكن العَـدوّ عَدَانِـي
لمزيد من المعلومات شعر عن الحب يسعد به كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب واقرأ: فقرات عن رأس السنة الميلادية
ما هي درجات الحب
الحب درجات، منازل وطبقات ولكل منزلة شعورًا تختص به وحدها، تُسكنْ فيها وليفها ورفيقها وتحفظه كأنه الياقوت، ولكل درجة اسمٌ وصفة، ونتعرف على هذا كالتالي:
- الهوى: وهو من الفعل “هَوي” بأن تميل النفس إلى أخرى وتنجذب لها.
- الحب: وهو أن تتجاوز المشاعر العقل، فكأنما الفكر مسلوب والعقل يوافق هوى القلب.
- الود: وهو اجتماع عدة معاني مثل الرحمة والرأفة واللين والحب.
- الحلو: هي الصداقة التي تتخلّل شَغاف القلب فتصير كأنها تجري خلاله وبين ثناياه.
- الشوق: ويكون بأن تتعلق النفس بالشيء وتتوق إليه، فتصحب القلب والعقل والروح في رحلة طويلة ينتهي مسيرها جوار الحبيب، فتشتاق وكأن قلبك به دقة قوية موجعة؛ لكنه وجع محبب.
- الصبابة: وهي نار الاشتياق وحرارته التي تُلهب شغاف الروح فتكتوي وتتلوى متألمة، وقد قيل: لا يعرف الشوقَ إلا من يُكابده .. ولا الصبابة إلا من يُعانيها.
- السهد: وهو جفاء العين وقلة نومها وكأن الأرق صار رفيق ليلها، وقد قيل: هل جادك الوجدُ والأسواق تحترقُ .. وأمعنَ السَهدُ في عينيكَ والأرَقُ.
- النجوى: وهي حرقة القلب وشدة وجده، حبٌ حزين وقلبٌ يناجي باللطف محبوبه، صموتٌ عن النَّجوى فإن سيلَ ما بهِ .. فلا قــولَ إلا زَفــــرَةٌ وتنفّسُ.
- الجوى: وهو العشقُ بشدته وحزنه الطويل اشتياقًا وشعورًا.
- الوجد: إنه الحب الذي يجعل من الحياة تعاسة لا تتوقف، وفكر دائم الانشغال.
- الشجو: وهو الغمُّ وما يصحبه من حزن وألم.
- اللوعة: إنها نار الحرقة للقب إثر حبّ ملتاع يورث الحزن وكثرة التفكير، مثل بلى أنا مشتاقٌ وعندي لوعة .. ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ.
- الهيام: هو الجنون وخضوع القلب في بحر العشق ولوعته وقد قيل فيه:
بيَ اليأسُ أو داءُ الهيَامِ شَرِبْتُه .. فَإيَّاكَ عَنّي لا يَكُنْ بكَ ما بِيا.
فما زادني النّاهون إلا صبابةً .. ولا كثرةُ الواشينَ إلا تماديــا.
- الوصب: هو المرض والوجع، ألمٌ يجعل القلب عليل وكأنه داء لا دواء له.
- الاستكانة: تجعل الحبيب ذليلاً، خاضعًا لا يعرف الثورة.
- التيم: تَيَّمهُ الحبُّ: أي جعله مُتيَّمًا، ذهب عقله فما عاد صوتٌ يعلو على العشق ودقاته.
هذا ودرجات الحب لم تنتهي فما زال هناك الكلف والشغف والوله، والغرام، العشق وصبوته وفتنته وميله. أما الشعر عن الحب فهو فيضٌ لا ينتهي عايشنا بعضه في كل درجة وكل معنى يسلب اللبّ أكثر فأكثر.
لمزيد من المعلومات شعر عن الحب يسعد به كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب واقرأ: أقوى 10 قصائد الحب
الحب والشوق
إن للحبِ نارٌ تتقد وناره شوق الحبيب وافتقاده، الاشتياق للحبيب واجب لا فكاك منه وكأنه أغلال ناعمة لا ترتجي التحرر منها، وثمن يُدفع دون ارتكاب جرم.
لا حب دون شوق، هو غرس الحب وارتوائه وبه يُشعر بالحب فكأنه حي يتنفس، وكأنه روح تتجسد. وبين انسياب كلمات الشعراء وجمال قصيدهم وجد شعر عن الحب ينغمر بلهيب الشوق ويوقد في الأفئدة أمل الحياة.
قال الشاعر حافظ إبراهيم:
أَثَرتَ بِنا مِنَ الشَوقِ القَديمِ
وَذِكرى ذَلِكَ العَيشِ الرَخيمِ
وَأَيّامٍ كَسَوناها جَمالًا
وَأَرقَصنا لَها فَلَكَ النَعيمِ
مَلَأناها بِنا حُسنًا فَكانَت
بِجيدِ الدَهرِ كَالعِقدِ النَظيمِ
وَفِتيانٍ مَساميحٍ عَلَيهِم
جَلابيبٌ مِنَ الذَوقِ السَليمِ
لَهُم شِيَمٌ أَلَذُّ مِنَ الأَماني
وَأَطرَبُ مِن مُعاطاةِ النَديمِ
كَهَمِّكَ في الخَلاعَةِ وَالتَصابي
وَإِن كانوا عَلى خُلُقٍ عَظيمِ
دَعَوتُهُمُ إِلى أَنسٍ فَوافَوا
مُوافاةَ الكَريمِ إِلى الكَريمِ
وَجاؤوا كَالقَطا وَرَدَت نَميرًا
عَلى ظَمَإٍ وَهَبّوا كَالنَسيمِ
قال الشاعر نزار قباني:
اشتقتُ إليكَ
فعلِّمني ألا أشتاق
علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماقْ
علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداقْ
علِّمني كيفَ أثورُ عليك
وأنجو من سيف الأشواقْ
فأنا من بعدكَ باقيةٌ
ككتابٍ مقطوعِ الأوراقْ
شعر عن الحب والغزل والهيام
باع الحب والغزل طويل، لم يقاوم أغلب الشعراء الابتعاد عن ساحاته، فمن يستطيع أن يكبح لسانه الفصيح عن نسج شعر عن الحب يجسد فيه شعوره الحي ودقاته الصخبة، ومحبوبته الغائبة والحاضرة بين ثنايا روحه.
يقول امرؤ القيس:
أغرك مني أن حبك قاتلي * وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل
قال ابن الفارض:
قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي * روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ
لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي * لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي
ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ * في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف
فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني * يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ
يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي * ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ
عَطفا على رَمقي وما أبقَيتَ لي * منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي * والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي
لمزيد من المعلومات شعر عن الحب يسعد به كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب واقرأ: كلام حب رومانسي يعبر عن المشاعر
شعر عن الحب قصير
الشعر بحور وتفعيلات وأوازن وقوافي، لكل بحر تفعيلاته ولكل وزن موسيقاه، والشعر عن الحب وجد فيه القصير والطويل، ما هو بيتٌ واحد وما نظم ليكون قصيدة تروي الفؤاد وتؤكد الشعور.
يقول الشاعر المعتمد بن عباد:
لِلَّهِ دَرُّ الحُبِّ ماذا يَصنَعُ
يَعنو لَهُ مَلِكُ الزَمانِ وَيَخضَعُ
لِلحُبِّ سُلطانٌ عَظيمٌ شانُهُ
مَهما يَقُل قَولاً فَقَلبي يَسمَعُ
إِن يغرِ بِالهِجرانِ مالِكُ مُهجَتي
أُقبِل إِلَيهِ بِحالَتي أَتَضَرَّعُ
ماذا اِنتَفَعتُ بِحالَتي عِندَ الهَوى
حالُ الهَوى أَبَداً أَجَلُّ وَأَرفَعُ
قال الشاعر أبو نُوَاس:
في الحُبِّ رَوعاتٌ وَتَعذيبُ
وَفيهِ يا قَومُ الأَعاجيبُ
مَن لَم يَذُق حُبّاً فَإِنّي امرُؤ
عِندي مِنَ الحُبِّ تَجاريبُ
عَلامَةُ العاشِقِ في وَجهِهِ
هَذا أَسيرُ الحُبِّ مَكتوبُ
وَلِلهَوى فِيَّ صَيودٌ عَلى
مَدرَجَةِ العُشّاقِ مَنصوبُ
حَتّى إِذا مَرَّ مُحِبٌّ بِهِ
وَالحَينُ لِلإِنسانِ مَجلوبُ
قالَ لَهُ وَالعَينُ طَمّاحَةٌ
يَلهو بِهِ وَالصَبرُ مَغلوبُ
لَيسَ لَهُ عَيبٌ سِوى طيبِهِ
وَبِأَبي مَن عَيبُهُ الطيبُ
يَسُبُّ عِرضي وَأَقي عِرضَهُ
كَذالِكَ المَحبوبُ مَسبوبُ
لمزيد من المعلومات شعر عن الحب يسعد به كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب واقرأ: أشعار حزينة عن غدر الحبيب
شعر عن الحب يسعد به كل مشتاق ومتذوق لرحيق الحب وبعد جولة متواضعة بين طيات الكلمات الساحرة والأشعار الفصيحة؛ نجد أن الشعر عن الحب باعه طويل وسحره يطغى على الأذهان ويجذب الروح نحو معركة الخسارة فيها مكسب عظيم. الحياة غير عادلة والحب هو الظلم الوحيد الذي يرتضيه المرء ويذهب إليه راكضًا، عزيزي القارئ دعْ الحب يقتحم أسوارك واستمتع بحلاوة الاستسلام.