قصة السلطان سليمان وهيام الحقيقية

قصة السلطان سليمان وهيام الحقيقية

بالرغم من قصة حياة السلطانة هويام “خرم” أو كما يعرفها الكثيرون بـ هيام المثيرة جدًا للاهتمام وما يحكي عنها التاريخ من قصص وروايات واتهامات أيضًا إلا أن حياتها قبل الانضمام للحرملك العثماني

مازال يشوبها بعض الغموض فلا يُعرف عنها موطنها الأصلي واسمها الحقيقي لكن بعض المؤرخون ذكروا أن اسمها الحقيقي هو “روكسِلانا” وموطنها روهاتين في بولندا

كانت هيام جارية من الجواري وإذ كانت أول جارية تتزوج من سلطان بالدولة العثمانية فلم يسمح للسلاطين الزواج من جواري من قبل، وسرعان ما حازت هيام على اهتمام السلطان

سليمان الذي عشقها بجنون فقيل أنه كان لا يرفض لها طلبًا وتطورت بينهما علاقة حب عميقة فكانت لا تمل من إرسال الرسائل الغرامية له وفي إحدى الرسائل أرسلت له هائمة

“سيدي .. إن غيابك عني قد أجج نارًا بداخلي لا ينطفئ لهيبها .. ارحم هذه الروح المعذبة وسارع في الجواب لأنني قد أجد فيه ما يخفف عني .. سيدي حين تقرأ كلماتي ستتمنى لو أنك كتبت إلي أكثر للتعبير عن شوقك“

وبالطبع من منا لا يعرف كيف يتصرف الرجال حين الوقوع في العشق بجنون فنتيجة لعشق السلطان سليمان بالسلطانة هيام كان يقف في صفها عند نشوب أي خلاف بينها وبين زوجته

الأولى “ماه دوران” المشهورة بـ “جُلبهار” حيث كانت تقوم بينهما الكثير من الخلافات فلا تطيق إحداهما الأخرى مما كان يستدعي تدخل والدة السلطان سليمان “السلطانة عائشة

حفصة” زوجة السلطان سليم الأول لتهدئة الأجواء بينهما وبمجرد وفاة والدة السلطان سليمان اشتعلت الخلافات بينهما بل أصبحت أكثر عدوانًا حتى أنها في مرة من المرات وصلت

للتشابك بالأيدي وكانت هذه المرة السبب في نفي ماه دوران كونها أصابت السلطانة هيام بأضرار جسدية نتيجة الاشتباك.

وبعد نفي عدوتها السلطانة ماه دوران إلى أماسيا ظلت بالقرب من السلطان سليمان ليزداد عشقه لها فلم يعد ينقصها أي شئ عدا شئ واحد فقط وهو ضمان العرش لأحد من أبنائها الأمير “محمد”، حيث يشكل وجود الابن الأكبر للسلطان وابن ماه دوران “مصطفى” خطرًا

لاحتمالية توليه العرش بعد خلافة والده وبذلك سيقضي مصطفى على آمالها التي تخطط لها وعلى مكانتها التي وصلت لها بعد سنوات كثيرة وبمجرد أن يتوفى السلطان سليمان سينهار

كل ما صنعته وستعود ماه دوران مرة أخرى لتدفع بابنها مصطفى نحو تولي الحرملك ولن تتردد أبداً في تحريض ابنها لإيذاء ابناء عدوتها اللدود السلطانة هيام.

قصة السلطان سليمان وهيام وصراعات الابناء

اشتد الصراع بين الأمير محمد ابن السلطانة هيام والأمير مصطفى ابن السلطانة ماه دوران فكانا يجتهدان للتقرب من والدهما السلطان سليمان بهدف أن يحظى أحداً منهما على الحكم

من بعده، لكن سرعان ما أصبح واضحًا للجميع ميل السلطان لابنه الأمير محمد وتيقنوا أنه سيختاره للعرش من بعده وبالطبع كانت وراء ذلك السلطانة خرم “هيام” التي لم تكل على

ذِكر مصطفى أمام والده بأسوء الصفات ليدرك الأمير مصطفى ضعف موقفه فلم يبقى معه أحد حتى والدته التي كانت مصدرًا لقوته تم نفيها بشكل مهين.

وبعد أن تعين زوج ابنة السلطانة هيام في منصب الصدر الأعظم قام بإبعاد الأمير مصطفى عن الدولة العثمانية وسياستها فقد يبدو أن الأمير مصطفى قد تعرض لظلم كبير وازداد توتر

العلاقة بينه وبين والده خاصًة بعدما أمر السلطان بتولي الأمير محمد ابن هيام منصب والياً على مدينة مانيسا وكان قراره لتعيينه والياً إعلاناً واضحاً لتوليه من بعده حكم الدولة العثمانية

وإقصاء ابنه مصطفى بالرغم من أنه الابن الأكبر، ففي عُرف الدولة العثمانية أن من يصبح والياً لمدينة مانيسا سيصبح والياً لعرش الدولة بشكل تلقائي.

عند وصول خبر تولي الأمير محمد لولاية مانيسا للأمير مصطفى والسلطانة ماه دوران غضبا غضب جم وملأ الحقد صدر السلطانة ماه دوران بعدما تأكدت أن حلمها بالعودة للقصر

العثماني أصبح خيالاً لن يتحقق، مما دفعها للإتفاق مع ابنها الأمير مصطفى على أن سبب السعادة لهما يكمن في اختفاء الأمير محمد حتى تعود الأمور لصفهما مرة أخرى.

لم يهنأ الأمير محمد بولاية مانيسا فبعد مرور شهرين من حياته السعيدة مع زوجته وابنته الوحيدة أغرق الصراخ قصر مانيسا “لقد مات الأمير محمد!” وتسبب موته في كثرة علامات

الاستفهام، وصل خبر موت الأمير محمد لينزل على والده كالصاعقة فقد كان مقربًا جدًا من والده السلطان سليمان وأحبهم إلى قلبه عن بقية أخوته وظل يصرخ قائلاً في رثاء ابنه الحب

يب ” آاه يا أعز أمرائي على قلبي .. آاه يا محمدي” وحزن لأجله حزنًا شديدًا فلم يبكي السلطان على أحد كما بكاه، أما عن أمه السلطانة هيام فحزنت لموت ولدها حزنًا شديدًا ولم

تصدق أن ولدها الذي أتم الثالثة والعشرين قد مات فجأة وأتهمت في موته الأمير مصطفى وأمه السلطانة ماه دوران وأنهما قد خططا لذلك للإستيلاء على الحكم وظل موت الأمير

محمد لغز حتى يومنا هذا فلم يعرف المؤرخون هل مات بمرض السل أم الزهري أم أنها مؤامرة قد دُبرت للتخلص منه؟!.

قصة السلطانة هيام وانتقامها لموت ولدها

بعد استسلام السلطانة هيام لفكرة موت فقيدها الأمير محمد تملكتها رغبة الإنتقام من السلطانة ماه دوران التي حملتها مسؤولية قتل ابنها، حتى أن العلاقة بين السلطان سليمان

وابنه الأمير مصطفى توترت كثيرًا حيث شعر السلطان سليمان أن ابنه يحوذ حذو جده السلطان سليم وراوده الشك أنه سيصبح مثله ويحظى بتأييد الجيش وينقلب على والده

ويقوم بقتل جميع أخوته بالضبط وكأن التاريخ يعيد نفسه، في نفس الوقت أحس الأمير مصطفى أنه يسير بنجاح نحو حلمه في تولي العرش الذي لطالما كان يحلم به، وبالطبع أتى

دور السلطانة هيام في هذه اللحظة لتنتقم من قاتل ابنها الأمير محمد كما زعمت، فعملت على تضخيم الأمر للسلطان سليمان لتؤكد له أن مخاوفه تجاه الأمير مصطفى ستصبح يوماً

ما حقيقة فنشأت فجوة كبيرة في علاقة السلطان بابنه.
أثرت الفجوة في علاقة الأمير مصطفى بوالده السلطان سليمان على فرحة الأمير مصطفى بقرب توليه العرش خاصًة وأن أخيه الأمير بايزيد “غير الشقيق” ابن السلطانة هيام اشتد

عضده وأصبح خصمًا لا يستهان به بارعًا في الفروسية بخلاف مهارته العسكرية، وأكثر ما دب الرعب في قلب الأمير مصطفى أن السلطانة هيام تسانده بقوة وبالفعل تم تعيين الأمير

بايزيد والياً سنجق كوتاهيا وأيضًا تعيين الأمير سليم “شقيقه” والياً لـ مانيسا لتتأكد الشكوك لدى الأمير مصطفى بأن زوجة أبيه السلطانة هيام لن تكل ولا تمل حتى أن تخلعه نهائيًا من الخلافة بمساعدة رستم باشا زوج ابنتها.

السلطان سليمان وقتل الأمير مصطفى

كان أمر الخلافة للسلطان سليمان أمر معقد بشكل كبير فقد حكم لفترة طويلة مما زاد من دائرة اعداؤه وأصبح لديه ثلاثة ابناء كلاً منهما يرغب في تولي العرش من بعده، (الأمير

مصطفى ابن ماه دوران) و (الأمير بايزيد وسليم ابناء هيام)، لكن علاقة الأمير مصطفى المُحبة مع ابن السلطانة هيام الخامس “شاهزداه جهانكير” الذي كان يعاني من بعض

المشاكل الصحية التي ابعدته عن صراع العرش أوحت لوالدهم السلطان سليمان أن الحب الأخوي سيمحو الحقد والكراهية في الحرملك العثماني، فكان مصطفى يعصي أوامر والدته

في الابتعاد عن أخيه جهانكير لكن كل ذلك لم ينسيه أبدًا طرد والدته ونفيها وإقصاءه بعيدًا عن الحكم، فإن الكراهية والحقد الذي نشأ وكَبُر في الحرملك لا يمحوه شئ.

أحس الأمير مصطفى أن والده السلطان سليمان يميل لإعطاء العرش لأحداً من ابناء السلطانة هيام خاصًة وأن رستم باشا يساعده في ذلك من خلال شحن السلطان ضد الأمير

مصطفى، فعمل الأمير مصطفى على جمع أكبر قدر من الأنصار من الجنود والرجال ذوي الشأن العالي في الدولة لمعرفة ما يدور داخل الحرملك وما الذي ينويه السلطان في حكم

الخلافة من بعده، وحينها بدأ رستم باشا في بث سموسه للسلطان بأن ابنه الأمير مصطفى بدأ في التخطيط لانقلاب عسكري على والده وتزايدت الشائعات من حول السلطان سليمان

فشعر بالخوف من تكرار مأساة جده، وفي ظل أقوى انتصار للسلطان سليمان وانشغاله بتمديد قوة الدولة العثمانية قام رستم باشا بتزوير أوراق تحوي في داخلها دليلاً على أن الأمير

مصطفى قد اتفق مع الشاه الإيراني على أن يساعده في الوصول للعرش مقابل زواجه من ابنته حيث وصلت تلك الأوراق المزورة إلى السلطان سليمان الذي غضب بصورة جنونية

ونجحت المكائد التي ترأستها السلطانة خرم “هيام” ورستم باشا في التفرقة بينه وبين أكبر ابناؤه وقيام السلطان سليمان بأمر إعدام ابنه الأمير مصطفى.