من هم “أصحاب السبت” ولماذا تعتبر قصتهم من القصص المرعبة في القرآن

من هم أصحاب السبت

بالطبع قد سمعت من قبل عن أصحاب السبت، ولكن لا تعلم من هم وما هي قصتهم الشهيرة، المعروفة بقصة أصحاب السبت فقد قال اللَّه تعالى في كتابه الكريم مخاطبًا يهود المدينة: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (65) فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين} [البقرة: 65، 66].
ومن هنا يمكننا معرفة أن أصحاب السبت كانوا من قوم بني إسرائيل قوم موسى عليه السلام يقيمون على ساحل البحر الأحمر في بحر القلزم سابقاً وتسمى أيضاً (أيلة)، وقد قيل مدين أو غيرها، وقد كان الله عز وجل قد ابتلاهم بعدم صيد السمك والحيتان يوم السبت تعظيماً له لمَّا ابتدعوه وتركوا يوم الجمعة مما أحدث ضررا كبيراً في البحر والأسماك.

ما هي قصة أصحاب السبت

نحن جميعاً نعلم أن أيام الأسبوع سبعة أيام، قد ذكر الله منها في القرآن الجمعة والسبت، فالجمعة قد ذُكرت لما لها من فضل كبير في تعظيم صلاة الجمعة ووجوب السعي إليها وترك البيع والشراء.
أما إذا نظرنا إلى السبت فقد تم ذكره بسبب واقعة قد حدثت لبني إسرائيل، وهي القصة الشهيرة بأصحاب السبت، فقد قال تعالى عنها ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾[البقرة: 65، 66]
هذه القصة ذكرت مفصلة في سورة الأعراف في قول الله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا ش+ونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ [الأعراف: 163 – 166].

أن الله سبحانه وتعالى قد أمر جميع اليهود بتعظيم يوم الجمعة، ولكنهم أختاروا السبت بدلا منه، وكانوا مؤمنين بإختيارهم ليوم السبت.
وقد أمر الله اليهود أيضاً بتعظيم يوم الجمعة فأعترضوا وتكبروا كما هي عادتهم دائماً ومن ثم فقد أعترضوا وقدموا رأيهم في تعظيم يوم السبت بدلاً من الجمعة، ظناً منهم أن الله سبحانه وتعالى قد بدأ في الخلق يوم الأحد وأنتهى يوم الجمعة وأخذ السبت راحةً له.
وقد أتبع النصارى نفس منهجهم وسلكوا نفس السبيل في المعاندة والمعاداة لله، وعملوا على اختيار يوم الأحد بدلا من الجمعة بحجة أن الله بدأ فيه الخلق، فألزم الله كلا بما اختار، ووضع عليهم الإصر والأغلال.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ).
ماذا فعل الله مع اليهود عندما أتخذوا السبت بدلاً من الجمعة
يقول الإمام السُّدِّي: “إن الله فرض على اليهود يوم الجمعة فأبوا وقالوا يا موسى: إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعل لنا السبت، فلما جعل عليهم السبت استحلوا فيه ما حرم عليهم”. “رواه ابن أبي حاتم”.
ومن ثم فقد حرم الله على اليهود العمل والصيد في يوم السبت، ومن ثم فقد أبتلاهم بعد ذلك سبحانه وتعالى بفسقهم.
فكان إذا جاء يوم السبت جاء ومعه الخير كله، فقد جاءت معه الأسماك والحيتان شرعا بيضا سمانا طافية ينظرون إليها، وإذا انتهى السبت ذهبت الحيتان وجميع الأسماك فلا يرونها حتى السبت المقبل، فإذا كان يوم السبت رجعت إليهم كذلك وقال سبحانه: {كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون}(الأعراف).
وبعد ذلك قد مكثوا وأستمروا على ذلك الحال بدون توقف ثم بعد ذلك كانت نفوسهم الخبيثة رفضت أن تصبر على طاعة الله ورفضت ذلك العصيان، فتحايلوا على أمر الله بالمكر والخديعة والكذب.

ما هو طرق خداعهم لله

كانوا يمكرون ويعتقدوا بأنهم يخدعون الله بما يفعلوا، فقد كان بعضهم يصنع أحواضاً وبركاً كبيرة قرب البحر عندما يأتي السمك يوم السبت يقع في الأحواض والبرك، فيمنعوه من الرجوع عن طريق مجموعة من الحواجز لكي يستطيع أن يخرجوا سمكاً في يوم الأحد.
والبعض الآخر كان يضع المصائد والشباك في يوم السبت فيقع فيها السمك، ثم لا يخرجها إلا يوم الأحد تحايلا ومخادعة بدعوى أنهم لم يصطادوه في يوم السبت.
وبعضهم كان يمسك بالحوت ويثقب أنفه ويربط فيه خيطا قد ضرب له في البر بوتد ثم يلقيه في البحر، فإذا كان الغد أخرجه، وكل هذا نقل عنهم، وهي في الواقع تعتبر حيل شيطانية لا تخيل على أحد فهم يتحايلون بها على الله سبحانه وتعالى.

إنقسام القرية

بعد هذه الحادثة انقسم أهل القرية إلى ثلاث فرق اساسية:-

  • الأولى كانت عاصية تصطاد بالحيلة وتحث عليها.
  • الثانية لا تعصي الله وأنكرت ما فعله هؤلاء العصاة، فأخذت تنهرهم عن هذا الفعل، وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، وكانت ايضا تحذرهم من غضب الله
  • الفرقة الثالثة فكانت لا تعصي الله تعالى، ولكنها اتخذت موقفاً سلبياً تجاه ما فعله العصاة، وسكتت عن المنكر وأهله، فكأن الأمر لا يعنيها.

لماذا حذر الرسول أمته من مثل تلك الأفعال

قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من مثل هذه المسائل الردية والطرق الإبليسية والحيل الشيطانية للتحايل على الأوامر الشرعية لله فقال فيها : (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل).

ما هو جزاء أصحاب السبت

يذكر أنه في ذات صباح لم يسمع لأهل القرية أي صوت، ولا رأوا منهم أي أحد، ورآهم رجلاً فقال: أي عباد الله قردة والله تعاوى لها أذناب مسخهم الله قردة.
وقد دخل الناس عليهم إذ هم بقرود الرجال والنساء وعرفت القردة أنسابها فجعل القرد يأتي نسيبه من الإنس فيشم ثيابه ويبكي فيقول الإنسي لهم: ألم ننهكم عن ذلك؟ فيشير برأسه: أي نعم
ويقول تعالى {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}(البقرة:65).
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ}(المائدة:60).
ونقل عن ابن عباس وقتاده: صار شباب القوم قردة ومشيختهم خنازير وبقي القوم ثلاثة أيام قرودا ثم ماتوا ولم يعقبوا، ومن ثم فقد روى مسلم عن ابن مسعود قال: (قال رجل يارسول الله.. القردة والخنازير هي مما مسخ؟ قال إن الله لم يهلك (يعذب) قوماً فيجعل لهم نسلا، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك).

لماذا تعتبر قصة أصحاب السبت من القصص المرعبة في القرآن الكريم

تمثل قصة اصحاب السبت اللعنة التي قد حدثت بعد المعصية لله وعدم الرضا بقضاء الله والسعي وراء كل الطرق الشيطانية لمعصية الخالق، فقط عاقبهم الله بأن جعل شباب القرية قردة وكبار القرية خنازير لأنهم تعالوا وعصوا الله سبحانه وتعالى.
وكانوا يظنون أنهم بفعلتهم هذه يخدعون الله ويتحايلون عليه، وهم غير مدركين بأنهم هم من يخدعون أنفسهم، لذلك كانت نهايتهم عبرة وعظة لجميع المسلمين.