ماذا تكون بطيئات المشية
(Tardigrade)، أو ما تعرف باسم (دب الماء) أو (خنزير صغير)، وهي واحدة من أكثر من 1100 نوع من اللافقاريات الصغيرة التي يكون موطنها في المياه،
كما أنها تنتمي إلى فصيلة (Tardigrada)، ويعدون من الأقارب الأكثر قربًا للمفصليات، مثل الحشرات والقشريات، وفي غالبية الأوقات يصل حجم بطيئات المشية
إلى ما يقرب من 1 مم (0.04 بوصة) أو ما هو أقل من ذلك، ويعيشون في مجموعة مختلفة من الموائل في كافة أرجاء العالم، مثل في النباتات المزهرة،
الطحالب الرطبة، المياه العذبة، البحر، وفي الرمال، وفي أثناء التكيف مع تلك المجموعة ذات النطاق الواسع من الظروف الخارجية، تطور كم كبير من الأنواع والأجناس.
لدى بطيئات المشية منطقة رأس متطورة، بالإضافة إلى جسمها القصير الذي يتشكل من أربعة أجزاء ملتحمة،
وكل من هذه الأجزاء يحمل زوجًا من الأطراف القصيرة، غير المفصلية، والقوية، وتنتهي بوجه عام ببعض المخالب الحادة،
ولا تمتلك تلك الحيوانات أعضاء خاصة بكل من التنفس والدورة الدموية، إذ يمتلئ تجويف جسم بطيئات المشية (hemocoel)
بواسطة سائل يعمل على نقل الدم والأكسجين.
تقوم غالبية بطيئات المشية الآكلة للنبات بالتغذية من خلال ثقب الخلايا النباتية الفردية
عن طريق أسلوبها الخاص، ومن ثم تعمل على امتصاص المحتويات المتواجدة داخل الخلية، ولكن هناك البعض القليل من بطيئات المشية
تكون آكلات اللحوم المفترسة، وقد تتكاثر دببة الماء بواسطة الاتصال الجنسي أو يمكنها القيام بذلك من خلال التكاثر اللاجنسي،
وهو ما يكون عن طريق التوالد العذري أو الإخصاب الذاتي، وبالنسبة لتفريغ البيض فيحدث
إما في النهاية الخلفية للقناة الهضمية أو بشكل مباشر إلى الخارج مرورًا بفتحة تقع أمام فتحة الشرج.
ماذا يأكل دب الماء
يتغذى دب الماء على السوائل المتوفرة في الخلايا النباتية والحيوانية، حيث تقوم باختراق جدرانها وأغشيتها الخلوية،
وذلك بالاستعانة بأجزاء الفم الثاقبة البدائية، وتُعرف باسم الأنماط، كما يشتهر عن بعض من أنواع الدببة المائية
أنها تبتلع كائنات حية بأكملها، مثل (الروتيفر)، وكذلك يمكن لبطيئات المشية أن تأكل غيرها من بطيئات المشية الأخرى،
وأيضًا أكل لحوم البشر بالنسبة لبعض الأنواع المحددة من دببة الماء، أما في حالة وجود مخزون كافي لديهم من الطعام والماء
لدعم وظائفهم الجسدية، فإنهم يبدأون في عيش المسار الطبيعي لحياتهم.
يمكن ملاحظة أن دب الماء من أكثر الحيوانات تناقضًا على هذا الكوكب،
حيث إنها مخلوقات لطيفة بطريقة كبيرة، مثل المناطيد الصغيرة التي تقوم بالتلوي حول أرجلها الصغيرة الضيقة دون حدوث ضرر،
وفي ذات الوقت تتمتع كذلك بسمعة أسطورية على أنها بمثابة أقوى المخلوقات وأكثرها قدرة للتدمير على وجه الأرض.
فوائد بطيئات المشية
الدببة المائية هي عبارة عن كائنات بدينة مجهرية يبدو مظهرها وكأنها صليب بين كاتربيلر وفأر خلد عاري،
وتلك اللافقاريات المائية تعتبر ناجية بارعة، حيث إنها تستطيع الصمود في مجموعة من الظواهر المتطرفة،
بما يتضمن الجفاف شبه التام، وفي الوقت الحالي نُشرت ورقة بحثية في مجلة (Nature Communications)
تحدد أحد مصادر القوة الأخرى التي تعد قوة عظمى بطيئة أخرى تتمتع بها، وهي بروتين وقائي يقدم
مقاومة ضد الأشعة السينية الضارة، واستطاع الباحثون أن ينقلوا هذه المقاومة إلى الخلايا البشرية.
قال تاكيكازو كونيدا، وهو كبير مؤلفي الدراسة، وعالم الأحياء الجزيئية في جامعة طوكيو: “يُعتقد أن التسامح ضد الأشعة السينية
هو نتيجة جانبية لتكيف الحيوان مع الجفاف الشديد”، وتبعًا لكونيدا، يؤدي الجفاف الشديد إلى تدمير الجزيئات الموجودة
في الكائنات الحية، حتى أنها تتمكن من تمزيق الحمض النووي، مثل العديد من الأشعة السينية.
إن إصلاح وحماية الحمض النووي هو عنصر رئيسي لكافة الخلايا وجانب مركزي في الكثير من الأمراض الخاصة بالبشر،
بما يتضمن في ذلك الشيخوخة والسرطان، مثلما يقول (إنجمار جونسون)، عالم البيئة التطوري الذي يقوم بدراسة دب الماء
في جامعة كريستيانستاد بالسويد: “وهذا ما يجعل النتائج التي توصلت إليها الورقة البحثية الجديدة مثيرة
للاهتمام للغاية بالنسبة للطب”، وفقًا لقول جونسون، فإنه يفتح سهولة تطوير مكافحة الإجهاد
للخلايا البشرية، والتي يمكن أن تساعد في أحد الأيام الأفراد الذين يحصلون على العلاجات الإشعاعية.
موطن بطيئات المشية
يمكن لبطيئات المشية أن تعيش في جميع الأماكن تقريبًا، حيث إنهم يفضلون العيش في الرواسب الموجودة
في أسفل البحيرة، على قطع رطبة من الطحالب أو البيئات الرطبة الأخرى، كما تسطيع أن تظل على قيد الحياة
في مجموعة متنوعة من درجات الحرارة والمواقف، إذ أثبتت الدراسات أن دببة الماء يمكنها البقاء في البيئات
ذات البرودة الشديدة تصل إلى حوالي 200 درجة مئوية تحت الصفر أو أعلى من 148.9 درجة مئوية، بحسب مجلة (سميثسونيان).
تستطيع بطيئات المشية كذلك الصمود على قيد الحياة في السوائل المغلية، الإشعاع، كميات ضخمة
من الضغط تبلغ ما يقرب من ستة أضعاف ضغط أعمق منطقة في المحيط، أو حتى فراغ الفضاء دون الحاجة
إلى أي حماية ممكنة، بالإضافة إلى أنه هناك بحث نشر عام 2008م في مجلة (Current Biology)،
وجد أن بعض أنواع دببة الماء يمكنها أن تظل على قيد الحياة لمدة تصل إلى 10 أيام في مدار أرضي منخفض خلال تعرضها لفراغ الفضاء والإشعاع.
عادات بطيئات المشية
اكتُشفت بطيئات المشية بواسطة القس الألماني (يوهان أوغست إفرايم جويز) في عام 1773م،
وقد أطلق عليها اسم (Tardigrada)، والتي تُعرف بمعنى (السائر البطيء)، بينما في عام 1776م،
قام عالم الأحياء ورجل الدين الإيطالي (لازارو سبالانزاني) باكتشاف أن دببة الماء تنجو في مجموعات كبيرة
من الظروف القاسية المتنوعة، وكان هذا عن طريق إجراء تحول في الكثير من الظروف، حيث يظلون على قيد الحياة بواسطة الدخول في وضع شبه الموت يُعرف باسم
(cryptobiosis)، إذ يتجعدون في كرة مجففة، تسمى (تون)، من خلال سحب رؤوسهم وأرجلهم،
وفي حالة تم إعادتها داخل الماء، يمكن لبطيئات المشية أن تعود إلى الحياة، وتستغرق في ذلك بعض من الساعات القليلة.
بينما في (cryptobiosis)، فإن نشاط الأيض يقل عند دببة الماء حتى يصل إلى 0.01٪ من المستويات الطبيعية،
وتقوم بحماية أعضائها من خلال هلام سكري يُعرف باسم (trehalose)، ومن الواضح أنها كذلك تنتج كمية كبيرة من مضادات الأكسدة،
والتي تعتبر من الطرق الأخرى لحماية الأعضاء الحيوية الخاصة بها، كما تصنع بطيئات المشية كذلك بروتينًا
يعمل على حماية حمضها النووي من التلف الإشعاعي، وتبعًا لدراسة أجرتها جامعة طوكيو، فإنها في درجات الحرارة الباردة، تُكون هيئة خاصة تحد من نمو بلورات الجليد.