يعتبر الإيمان بالقضاء والقدر من التعاليم الدينية التي ركز عليها الإسلام تحديدا،

حيث يحمي ذلك من الوقوع في الضلال والحيرة ويؤدي لزيادة الثبات، ولكن ما هو الفرق بين القضاء والقدر؟
وهل يوجد فارق بينهما من الأساس؟

معنى القضاء

في البداية، وقبل الكشف عن حقيقة وجود الفرق بين القضاء والقدر من عدمه،

نوضح معنى القضاء الذي يعرف بأنه الحكم المحتوم، الذي يحسم الأمور من البداية للنهاية، ويفصل بين الأمرين دون شك.


يرى الفقهاء وعلماء الدين، أن القضاء يعتبر بمثابة ما كتبه الله على البشر وعلى الأرض منذ الأزل، حيث يشار إليه بما كتب في اللوح المحفوظ، ولكنه لم ينفذ بعد.

معنى القدر

على الجانب الآخر، يرى المتخصصون أن القدر هو ذلك الانتقال للأمور من الاحتمالية إلى التنفيذ، أو بمعنى آخر تحول الممكنات من مرحلة العدم إلى الوجود.
يرى علماء الدين إذن أن القدر هو التنفيذ الفعلي لما كتبه الله عز وجل على الأرض بما تحمل من بشر، ليفسر ذلك من وجهة نظرهم الفرق بين القضاء والقدر في الإسلام.

الفرق بين القضاء والقدر

يبدو الفرق بين القضاء والقدر أكثر وضوحا في تلك الحالة، فبالرغم من أن بعض العلماء يؤكدون أن القضاء والقدر هما أمر واحد،

وأنهما مترادفان في المعنى بإمكانهما الكشف عن شيء واحد هو ما قرره وقدره الله عز وجل من قبل، فإن آخرين قد كشفوا عن فارق بين الكلمتين.

يمكن التوصل إلى الفرق بين القضاء والقدر، عبر إدراك دور القدر التنفيذي فيما يخص إتمام القضاء،

الذي يعتبر المكتوب منذ الأزل، حيث تبدو العلاقة تكميلية بين قضاء الله الإجمالي

وبين الجزء الآخر التنفيذي والتفصيلي لهذا القضاء، والذي يعرف باسم القدر.

يرى العالم المسلم ابن حجر العسقلاني، أن الفرق بين القضاء والقدر واضح، حيث يوضح في كتابه فتح الباري:

«القضاء هو الحكم الكلي الإجمالي، أما القدر فهو جزيئات هذا الحكم أو تفاصيله»، مضيفا:

«القدر هو الحكم بتنفيذ قضاء الله على سبيل التفصيل».

القضاء والقدر في القرآن

يأتي ذكر القضاء والقدر مرارا وتكرارا في القرآن الكريم، ليكشف عن ضرورة الإيمان بمفاهيم القضاء والقدر،

سواء كان خيرا أم شرا، وإلا فسد الإنسان وشعر بالحيرة من أمره أمام متاهات الحياة المختلفة.
يقول الله تعالى في سورة القمر: «إنا كل شيء خلقناه بقدر»، أي أن الله عز وجل خلق كل شيء بمقدار قضاه وقدره، وأن تكذيب القدر يضع الإنسان في دائرة الشك.

كذلك يقول الله عز وجل في سورة تبارك: «وخلق كل شيء فقدره تقديرا»، ما يكشف عن أن أي شيء قد يصبح ضائعا دون أن تسخر له أموره وتقدر له أقداره من قبل الخالق، ما يبدو واضحا كذلك في سورة المرسلات عبر قوله تعالى: «فجعلناه في قرار مكين*إلى قدر معلوم*فقدرنا فنعم القادرون*ويل يومئذ للمكذبين»، ما يوضح قيام الله بتهيئة الرحم للنطفة من أجل البقاء فيها، قبل أن تتبدل من حال وصفة لحال وصفة أخرى، وهو ما يتم دون شك في أجل حدده الله عز وجل، ليكشف ذلك بوضوح أكثر عن أهمية الإيمان بالقضاء والقدر في الإسلام.

وعلى الرغم من أهمية فهم تعريف كل من القضاء والقدر،

وكذلك إدراك الفارق بينهما في الإسلام والقرآن الكريم على وجه التحديد،

فإنه لا بد من التأكد من أن كثرة الخوض في معاني القضاء والقدر لن تفيد كثيرا،

بقدر ما يمكن تحقيقه عبر التسليم بقضاء الله وقدره بما يحمل من خير أو شر، قليله أو كثيره، حلوه أو مره،

حتى لا يصل الأمر بالبعض إلى إنكار القضاء والقدر ليعني ذلك إنكار أحد أركان الإيمان ومن ثم الشرك بالله،

يقول تعالى في كتابه العزيز في سورة المائدة:

«يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم».

في الختام، يشكل القدر التنفيذ الفعلي لقضاء الله تعالى،

والذي هو في الكتاب المحفوظ،

إلا أنه في كل الأحوال ومع إدراك الفرق بين القضاء والقدر وفهم المعنى الخاص بكل مفهوم،

فإنه من المؤكد أن الإيمان بالأمرين معا يعني التوكل على الله عز وجل،

ومن ثم التمتع باليقين الذي يكشف عن الثبات في الدنيا والفلاح في الآخرة.