التوحيد في اللغة، هو جعل الشيء واحداً متفرداً بمعنى الإيمان بالله عز وجل وعبادته وحده،
ويعرف التوحيد أصطلاحاً بأنه الإيمان بالله عز وجل وبوحدانية الله في ربوبيته
وألوهيته وصفاته العلا وأسمائه الحسنة، فالتوحيد هو الأساس في الدين الإسلام ي،
فالدين الإسلامي دين توحيد فالمسلم لا يجوز له أن يعبد غير الله أو يشرك مع الله أله آخر،
فالله هو الأله الواحد الذي لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير،
إذ أن الله له الطاعات والعبادات والصلوات، فأول ما يجب أن يفعله المسلم شهادة
أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد صلى الله عليه وسلم نبي ورسول،
كما أن هناك توحيد واجب وهو أعلى مراتب تحقيق التوحيد،
وتوحيد مستحب وهو ثاني درجات التوحيد.
أقسام التوحيد
ينقسم التوحيد إلى ثلاث أقسام يجب التوحيد بهم جميعاً والإيمان بكل منهم،
حيث إن كلهم أجزاء أساسية لاكتمال توحيد الفرد وإيمانه بالله عز وجل،
توحيد الألوهية، هو الاعتراف والإيمان بأن الله تعالى منفرداً بالعبادة،
حيث يعبد العبد الله تعالى وحده لا شريك له، إذ لا يشرك بالله أحداً، كما أن عبادة الله
تأتي كما شرعها الله عز وجل، إذ يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الأنعام
آية 162 “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”،
صدق الله العظيم وتشير الآية الكريمة أن العبادة والصلاة والطاعة لله الواحد الأحد
عز وجل، كما أن الرسل والأنبياء وضحوا في رسالتهم الكريمة هذا الأمر،
فما من نبي قال أشركوا مع الله احد، فيقول الله في القرآن الكريم مخاطباً
النبي محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الكهف آية 110
″قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ
فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا”.
التوحيد بالربوبية يعني إفراد الله عز وجل بأفعاله الذي لا يقدر على فعلها أي مخلوق،
كالخلق والانفراد بالملك وتدبير شؤون عباده إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز سورة الفاتحة
“بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ،
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ”، وتعني الآيات المذكورة في السورة الكريمة أن الله
هو مدبر كل شيء ومليكه وهو الخالق المالك.
إذ يجب الاعتراف بربوبية الله عز وجل ومن يفعل ذلك يكن قد كفر، وبرغم
أن كل الكفار كانوا معترفين بربوبيته الله وكان الكفر في جانب الألوهية،
فكانوا يعبدوا غير الله ودلالة ذلك قول الله عز وجل في سورة العنكبوت آية 61 ”
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ”.
ويقصد بهذا التوحيد التوحيد بما اقر الله وأثبت لنفسه، أو ما أكده
الرسول صلى الله عليه وسلم على الله دون تحريف أو تعطيب أو تكييف أو تمثيل،
كما يجب نفي ما نفاه الله عز وجل عن نفسه، أو نفاه عنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم
إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الشورى آية11 ” فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، كما يجب الاعتراف والإيمان بأن صفات الله لا يشركه فيها
احد فأن الكمال لله دون غيره، فالله هو الثوي العزيز المتين الرحمن الرحيم القدوس السلام،
وحده دون أحد، وعلى المسلم الإقرار بذلك وتأكيده.
أما عن ما يجب نفيه، فكل ما نفاه الله يجب أن ينفيه المسلم عنه، إذ يقول
الرسول صلى الله عليه وسلم”إن الله عز وجل لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام
” صدق الرسول الكريم، فالرسول قال أن الله لا ينام ونفى عنه صفة النوم،
بمعنى أن يجب على المسلم أن يعرف أن الله تعالى لا ينام.
حيث يجب أن تتوافر في المسلم حتى يكتمل إسلامه، ولا يمكن الاستغناء عن واحدة منها،
حيث تعرف بانها الشروط الواجبة للتوحيد، والتي من غيرها لم يقبل العبد
في وفود المسلمين ولا التائبين، إذ أن التوحيد بالله هو شرط الجنة الأول
وشرط الإسلام اليقيني، إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم”
ن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله،
وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة
لا بد من تحققها لنيل التوحيد وجميعها من القرآن والسنة:
التوحيد بالله وعدم الشرك به، سواء شرك أكبر أو خفي أو أصغر.
فالمعاصي لا تليق بقلب مؤمن فلا يجوز أن يكون الله في قلب عبداً عاصي.
- القبول وترك البدع والتطير
يقصد بالقبول عدم الاستكبار فالله تعالى ذكر المستكبرين في كتابه العزيز بأنهم
مجرمون والعياذ بالله من الكبر والاستكبار فهو من صفار أهل النار، لذلك يجب
أن يكون المؤمن بقلب نقي سليم مسلم بكل ما انزل من الله تعالى، إذ يقول الله تعالى
”إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز سورة الصافات آية 34 “إِنَّهُمْ يَوْمَئِذ فِي الْعَذَابِ
مُشْتَرِكُونَ، إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالُْمجْرِمِينَ، إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ
” صدق الله العظيم”
يجب أن يكون المؤمن صادق في قوله لكلمة التوحيد، ويجب أن ينطق بقلبه كلمات
التوحيد قبل توحيدها بلسانه، حيث إن الله تعالى لا يحب الكاذبون، والله يعلم ما تكنه
الصدور فهو الحق لا شريك له، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز سورة البقرة
آية 8″وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً
وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ”.
من تحقيق التوحيد المستحب
هناك مجموعة من الشروط المستحب توافرها في التوحيد وتتمثل في:
الإخلاص هو الصفة الأساسية للعبادة، فيجب أن يكون العبد مخلص،
إذ يقول الله عز وجل في سورة البينة آية 5″ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ”، ومن الجدير
بالذكر أن الصدق من الأمور التي تنتج عن تحقيق التوحيد، فالقلوب الموحدة بالله
حتماً تكون صادقة نقية.
يجب أن يحب العبد ربه، ويخلص له في الحب ، فالصفات المذكورة كلها واجبة
لكي يكتمل التوحيد، وأساس العبادة الحب فالله هو من خلقنا ومن علينا بالنعم،
و كما أن حب الله واجباً، فيقول عز وجل في سورة الأنعام آية 162″
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” صدق الله العظيم.
ويقصد بالعلم عدم الجهل، ولا يقصد بالجهل جهل العلم بل العلم بأن لا اله إلا الله،
إذ يقول عز وجل في كتابه العزيز سورة محمد آية 19″فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ”.
لكي يكون التوحيد سليم في قلب المؤمن يجب عليه اليقين ولا يشوب قلبه شائبة شك واحدة،
إذ يقل الرسول صلى الله عليه وسلم” أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله لا يلقى الله
بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة “، فاللفظ بالشهادة ليس هو التوحيد
بل الإيمان واليقين بالشهادتين وبوجود الله عز وجل واليقين
بان الله وحده لا شريك له هو الأله الأوحد والأعظم والخالق الحق.