في منتصف القرن الـ15، ولد أحد أشهر الرحالة في التاريخ، حيث يشار إليه باعتباره
أبرز مستكشفي العالم الجديد، إنه الملاح الإيطالي الذي طاف بلاد الدنيا، كريستوفر كولومبوس.
نشأة كريستوفر كولومبوس
ولد كريستوفر كولومبوس في سنة 1451، بمدينة جنوى التابعة الآن لإيطاليا،
حيث يعد الابن الأكبر لتاجر صوف يدعى دومينيكو كولومبوس، ولأم تدعى سوزانا فونتاناروزا،
فيما بدأ عشقه للبحر منذ فترة الشباب المبكرة، عندما ذهب في رحلات تجارية لعدة دول،
حتى طاف المحيط الأطلسي مع بعثة برتغالية استقر معها في مدينة لشبونة، بعد أن تعرضت لهجوم شرس
من مجموعة قراصنة كادت أن تودي بحياته لولا إجادته السباحة إلى سواحل البرتغال بعد غرق سفينته.
استقر كولومبوس في لشبونة البرتغالية حيث تزوج من محبوبته فيليبا، إلا أن ذلك لم يمنعه من الخروج
في رحلات تجارية بحرية عدة، حيث تنقل ما بين أيرلندا وأيسلندا، قبل أن يسافر للقارة الإفريقية ممثلة في غانا، لأغراض تجارية أيضا.
رحلات كريستوفر كولومبوس
رأى كولومبوس أن عليه الابتعاد أكثر عن الطرق التقليدية للتجارة، حيث حلم بالسفر للجزر الآسيوية عبر المحيط الأطلسي
طمعا في المكاسب المالية وكذلك العثور على الذهب، مبتعدا عن طرق التجارة المعتادة بالشرق الأوسط،
والتي سيطرت عليها الدول الإسلامية آنذاك، لذا راسل عددا من الأمراء والملوك بهدف دعمه،
حيث رفض طلبه أكثر من مرة قادة البرتغال وجنوى وكذلك البندقية، حتى حصل على التمويل اللازم أخيرا من قبل ملك إسبانيا.
وصل كولومبوس وفريقه إلى جزر الباهاما بعد أكثر من شهر من الإبحار، حيث ادعى ملكيتها إلى إسبانيا،
قبل أن يرحل لجزر كوبية وأخرى تابعة الآن لهايتي، مستغلا تلك الزيارات في إجراء تبادل تجاري
وكذلك شبه احتلال لبعض من تلك المناطق، لذا نال استقبالا مهيبا عند العودة مرة أخرى إلى إسبانيا.
حلم كولومبوس بزيادة توسعاته مقدما الوعود باستكشاف جزر جديدة وكذلك العثور على كميات ضخمة من الذهب،
إلا أن الأمور لم تجرِ كما خطط لها، فبالرغم من استكشاف نهر أورينكو وكذلك جزيرة هيسبانيولا التي قاموا بحكمها،
إلا أنه لم يتوصل إلا للقليل من الذهب، فيما قوبل بمشاعر من الكراهية من قبل سكان ذلك الجزء الأصليين
ومن بينهم الهنود الحمر، والسر في الأعمال المجهدة التي كلفهم بها، علاوة على عدم الوفاء بوعوده المتمثلة في العثور على الذهب.
اكتشاف أمريكا
على الرغم من أن شهرة كريستوفر كولومبوس تأتي من كونه مكتشف الأمريكتين،
إلا أن الواقع يكشف عن كونه وصل بالفعل إلى ما يعرف بالعالم الجديد،
ولكن بعد تحقيق الفايكنج لهذا الإنجاز قبل كولومبوس بنحو 5 قرون، وعلى يد البحار الإسكندنافي الشهير ليف إريكسون.
ربما يعتبر إنجاز كولومبوس الحقيقي في هذا الجانب، هو تمهيد استيلاء الدول الأوروبية على جزر الأمريكتين،
لذا نال مشاعر البغض من جانب السكان الأصليين أو الهنود الحمر، ما عرضه للمحاكمات الملكية
التي جردته من ألقابه وكذلك من أمواله، قبل أن يعود من جديد أملا في جمع الثروة الضائعة.
أقوال كريستوفر كولومبوس
على الرغم من تباين الآراء بشأن مدى استحقاق كريستوفر كولومبوس للقب مستكشف الأمريكتين وغيرها
من الإنجازات التي نسبت إليه، إلا أنه لا يمكن الاختلاف على التأثير الذي قام به ولو على الصعيد التجاري،
علاوة على أقواله المأثورة التي تكشف عن رؤيته المختلفة، ومن بينها:
«لا يمكنك عبور المحيط إلا إن كنت تملك الشجاعة لترك الشاطئ يغيب عن ناظريك».
«أينما تتواجد الأراضي يجب أن تكون هناك مكاسب لا حصر لها».
«الثروات لا تجعل من الرجل ثريا، بل تجعله شخصا أكثر انشغالا».
«لا يجب أن يخاف الإنسان من خوض أي تجربة مهما كانت».
«تظهر القيمة الحقيقية للفكرة عند اكتشافها، لكنها تصبح تقليدية بعد قليل من الوقت».
وفاة كريستوفر كولومبوس
عاش كولومبوس لأكثر من 50 سنة، طاف خلالها الكثير من الدول، وقام باستكشاف الكثير من الطرق التجارية غير المعتادة،
فيما حقق الأمجاد ومني بالكبوات حتى رحل عن العالم عن عمر يناهز الـ55 في عام 1506 بعد أن اشتد عليه المرض.
في الختام، وسواء كان هو أشهر من طافوا المحيطات بحثا عن طرق التجارة الأحدث حينها،
أو كان الرجل المكروه من قبل السكان الأصليين، فإن كريستوفر كولومبوس يبدو في كل الأحوال أحد أبرز الرحالة في تاريخ البشرية، إن لم يكن هو أشهرهم على الإطلاق.