» الحب يصنع المعجزات»
واحدة من أصدق الجمل التي سمعناها وأقررنا بها، ولكن من قال إن الحب فقط يصنع المعجزات!
الهجران وخيبات الأمل وقصص الحب الفاشلة أيضا تصنع الكثير من المعجزات،
فالقلوب المحطمة يمكن أن تندلع بها نيران لا تنطفئ ولا تهدأ سوى بالعمل الشاق ليلا ونهارا.
وهنا سنعرض لكم نموذجا لإحدى المعجزات التي نتجت عن قصة حب عانى صاحبها لأعوام
حتى قرر أخيرا أن يفجر بركان طاقته ليبهرنا بـ«قلعة المرجان» إحدى أكثر القلاع غرابة وجاذبية حول العالم.
تاريخ قلعة المرجان
تم بناء قلعة المرجان منذ عام 1923 حتى عام 1951 عن طريق إدوارد ليدزكالنين، الذي انتقل إلى مدينة فلوريدا محطم القلب هائما على وجهه،
وقضى بها 18 عاما قبل أن يشتري قطعة أرض في هومستيد ليقضي 3 سنوات من الشقاء والعزلة في نقل المنحوتات والصخور
التي استعان بها في بناء نصب تذكاري لحبه المفقود، حيث بدأ فعليا في تشييد القلعة التي تمنى أن تكون قصره الخاص به هو وحبيبته.
حب وهجر
تعود القصة إلى عام 1919 حيث كان يعيش إدوارد ليدزكالنين المولود في لاتفيا مع خطيبته «أجنس» البالغة من العمر 16 عاما
حيث جمعتهما قصة حب كبيرة يعرفها القاصي والداني، ولكن المفاجأة أن حبيبته هجرته قبل يوم واحد فقط من زفافهما لسبب غير معلوم،
وهو الحدث الذي لم يتوقعه إدوارد ولم يخطر بباله والذي قلب حياته رأسا على عقب،
بل كان له مصدر إلهام وطاقة ليتحول فيما بعد من مجرد شاب محطم القلب إلى واحد من أبرز العباقرة المخلدة أسماؤهم في التاريخ.
مجهود فردي
تعد قلعة المرجان إحدى أكثر المناطق جاذبية في هومستيد حيث إنها تعتبر لوحة فنية متكاملة تأسر القلوب وتخطف الأبصار بمجرد النظر إليها.
وبالرغم من ضآلة حجم ليدزكالنين وقصر قامته إلا أنه عمل وحده في بناء القلعة «المصنوعة من 1100 طن من الصخور المرجانية»
عن طريق استخدام أكثر من 3 ملايين رطل من صخور الأوليت دون الاعتماد على نظريات الميكانيكا الحديثة أو أية مساعدات،
الأمر الذي حير الملايين وجعل منها لغزا يصعب فهمه حيث تمت مقارنتها فيما بعد بالألغاز والإنجازات الضخمة للأهرامات في مصر،
وستونهونج في إنجلترا وتاج محل في الهند، كما كثرت النظريات بعد ذلك حول إدوارد الخارق للطبيعة وموهبته الخارقة في العلوم القديمة.
قلعة المرجان
وقد صرح ليدزكالنين أثناء سؤاله عن كيفية بناء هذه القلعة العظيمة بأن لديه فهما واسعا ومقدارا ضخما من المعلومات
حول قوانين الوزن والفائدة الميكانيكية، وبالرغم من أنه لم يكن يملك آلات ثقيلة لمساعدته في رفع وتحريك المرجان
إلا أنه لم ييأس؛ بل استعان بأدوات بدائية ابتكرها من قطع غيار السيارات القديمة لوضع المرجان بطريقة مثالية.
تحدي الجاذبية
وقد أكمل ليدزكالنين المنحوتات داخل القلعة في أوائل الأربعينيات
حيث بلغ ارتفاع الجدران المرجانية 8 أقدام وعرضها 4 والذي بلغ سمكها حوالي 3 أقدام،
وبتحليل بعض الدلائل التي تركها إدوارد على الصخور من رسومات وأرقام توصل البعض إلى أنه استطاع بفهمه وتعمقه
لمجال المغناطيسية أن يبطل عمل الجاذبية الأرضية، مما ساعده في تخفيف أوزان الصخور
إلى الوزن الذي يمكنه من التعامل معه بالمعدات البسيطة التي صممها بنفسه.
وفاته وإرثه الأسطوري
توفي إدوارد بعد أن خلد قصة حبه الأسطورية وقد ورث قلعته لابن أخيه الذي باعها فيما بعد إلى عائلة من مدينة إلينوي، والذين حافظوا على القلعة واعتبروها متحفا يجدر بالجميع زيارته ورؤية ما يحويه من إبداعات.
وقد تمت إضافة القلعة بعد ذلك إلى السجل الوطني للأماكن التاريخية عام 1984، وأصبحت قلعة المرجان واحدة من العجائب
التي يأتي إليها الزوار والباحثون من أنحاء العالم، ليتسنى لهم استكشاف الإنجازات التي قام بها إدوارد
والاستمتاع بمشاهدة الإبداع الذي تجسد في كل قطعة قام بوضعها، بدءا بالبوابة الرئيسية والتي تبلغ 9 أطنان مرورا ببوابة أخرى
تزن 3 أطنان وتفتح بلمسة إصبع، كذلك تليسكوب بولاريس والمزولة الشمسية التي تعد المزولة الوحيدة في العالم المصنوعة من حجر المرجان.
كما يوجد بها 25 كرسيا هزازا بنيت على شكل هلال وطاولة على شكل فلوريدا وأخرى على شكل قلب،
أيضا يوجد بها مسلة عظيمة يبلغ ارتفاعها 25 قدما وتزن 28 طنا،
وغرفة وضع بها إدوارد بعض الأدوات والمعدات والاختراعات الخاصة به والتي استخدمها في بناء القلعة.
كما ذكر بعض المرشدين الذين يصحبون الزوار في جولات داخل القلعة أن الانبهار الحقيقي ليس في بناء القلعة فقط بل في الهياكل الفردية بداخلها
والتي لا تزال تعمل بعد قرن من الزمان، وجدير بالذكر أيضا أن القلعة متاحة
طوال أيام الأسبوع لإقامة المناسبات الخاصة وحفلات الزفاف.