إن الشهيد له منزلة عظيمة عند الله يوم القيامة، وأعلاها عند الله، فما هو حكم الصلاة على الشهيد، وأنواع الشهداء، وحكم غسل الشهيد ومراتب وفضل الشهداء عند الله، وليس الشهيد من قتل في معركة فقط، هناك مواقف في الدنيا يموت فيها الناس، ويرزقهم الله مرتبة الشهداء، كما نأتي لكم بشهداء الصحابة في غزوتي بدر وأحد، بما فيه ابتلاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- في أتباعه وصحابته.
من هو الشهيد
إن الشهيد في اللغة يعني الحاضر لشيء، أما الشهيد في الفقه، هو من مات من المسلمين في جهاد ضد الكفار وأعداء الدين، وقتل في المعركة، أو هو من أصابه سلاح المسلم خطأ، ولا يُختلف على منزلة الشهيد في الآخرة عند الله، فدمه الذي سال منه عند الله مثل المسك، وللشهيد أنواع مختلفة .
مرتبة الشهيد عن الله
جميع الشهداء ليسوا على منزلة واحدة عند الله -سبحانه وتعالى-، بل تختلف مراتب الشهداء حسب اختلافهم في إخلاص تضحياتهم لله تعالى، والصدق في تلك التضحية، فيوجد شهيد الدنيا وشهيد الآخرة، وشهيد الدنيا والآخرة :
شهيد الدنيا
وهو من يُعامل في الدنيا معاملة الشهيد، ويجري عليه أحكام الشهداء، ولا يُغسّل ولا يُكفّن، لكن عند الله فهإنه ليس شهيدًا، ويرجع ذلك لسوء نيته التي يخفيها، فيظهر عند الناس بمثابة شهيد وهو ليس شهيدًا لسوء نيته، عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو هريرة فقال: «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت. ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار». فكان بالفعل يُقاتل الكفار وأعداء الدين والوطن، ولكنه ينوي أن هذا رياءًا للناس، وليُقال عنه أنه محارب مغوار، وليس نيته خالصة لله تعالى، أو نيته تحقيق مصلحة في الدنيا.
شهيد الآخرة
هو الشخص الذي لا يُعامل في الدنيا معاملة الشهيد، لذا لا يثغسل ويُكفن، ويصلى عليه، ولكنه في يوم القيامة يعطي منزلة الشهادة وأجرهم، وذلك يمكن أن يكون لعدة أسباب:
- الميت بداء البطن
- الميت بالغرق
- الميت بالطاعون
- المقتول ظلمًا
وذلك تبعًا لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه أبو هريرة فقال: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله».
شهيد الدنيا والآخرة معًا
هو المقتول في سبيل الله، مقبلًا بوجهه وليس فارًا وهاربًا، بل مقبل لا مدبر، مخلص النية لله تعالي وليس لمصلحلة في الدنيا، ويهبون أرواحهم لله ونصر الإسلام والمسلمين، فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ويوم القيامة ينال منزلة الشهيد عند الله تعالى.
حكم الصلاة على الشهيد
إن حكم الصلاة على الشهيد أنه لا يصلى عليه عند جمهور الأئمة والعلماء، وهذا لقول الإمام مالك والإمام الشافعي، والمرجع في ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي لم يصلِ على شهيد. وذلك لأن الشهيد لا يحتاج إلى الجزاء الحسن الذي يأتي من الصلاة.
ولأن الصلاة على الأموات غرضها التكفير عن السيئات وكل شئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يُشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه ». فالشهيد مغفور له عند الله فلا يحتاج إلى شفاعة. ولكن هذا غير سارٍ على الدين، فيجب أن يوفيه الورثة، ولا يسقط بالشهادة ويبقى في ذمة المتوفى.
حكم غسل الشهيد
إن الله تعالى اختص الشهداء ببعض الأحكام الخاصة بهم، ولا يشاركهم فيها أحد، والله تعالى كما أسقط حكم الصلاة على الشهيد، أسقط أيضًا حكم غسل الشهيد، ويكفنون في ثيابهم التي استشهدوا فيها، ومن الجائز أن يتم إضافة ثوب فوق ثوبهم،وذلك عن قول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن شهداء يوم أحد:« لا تغسلوهم، فإن كل كلم أو جرح دم يفوح مسكًا يوم القيامة».
حكم دفن الشهيد
يفضل للشهيد أن يدفن في مكان استشهاده، ولكن هناك بعض القواعد التفصيلية حسب مكان استشهاد الشهيد ومرتبته،
- الشهيد الذي استشهد في المعركة: يدفن بثوبه وفي مكانه دون صلاة جنازة.
- الشهيد الذي استشهد دفاعًا عن ماله وعرضة يدفن في مقابر المسلمين، ويصلى عليه ويغسل ويكفن.
- الشهيد الذي استشهد مبطونًا أو مطعونًا أو غريقًا: يدفن في مقابر المسلمين ويصلى عليه ويكفن.
فضل الشهادة في سبيل الله
إن للشهداء عند الله منزلة خاصة في الأحكام كما رأينا في حكم الغسل وحكم الصلاة عليهم، وكذلك لهم منزلة خاصة بهم عند الله، واختصهم بأمور عديدة عن الناس جميًعا، وذلك ظاهر في القرآن الكريم والحديث الشريف.
الأجر العظيم والمنزلة العالية عند الله سبحانه وتعالى فقال في كتابه العزيز في سورة النساء: «وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا» ، و المغفرة والرحمة من الله سبحانه وتعالى، فبشر الرسول الشهداء أن:
- يغفر الله لهم كل خطاياهم مع نزول أول قطرة دم تخرج منه،
- وفي هذا الوقت يرى أمامه مقعده في الجنة،
- يزوج ب 72 من الحور العين.
- يحلى بحلة من الإيمان.
- يؤمنه الله من عذاب القبر، والفزع الأكبر.
- ويشفع في سبعين شخص من أهل بيته عند الله.
وهذا تبعًا للحديث الشريف: «للشهيدِ عندَ اللهِ سبعُ خِصالٍ: يُغفَرُ لهُ في أوَّلِ دُفعةٍ من دَمِه، ويُرَى مَقعدَهُ من الجنةِ، ويُحلَّى حُلَّةَ الإيمانِ، ويُزوَّجُ اثنينِ وسبعينَ زوجةً من الحُورِ العينِ، ويُجارُ من عذابِ القبرِ، ويأمَنُ الفزعَ الأكبرَ، ويُوضَعُ على رأسِه تاجُ الوقارِ، الياقُوتةُ مِنهُ خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويُشفَّعُ في سبعينَ إنْسانًا من أهلِ بيتِهِ».
- الشهداء تكون أرواحهم في الجنة في جوف طير خضر، ولها قناديل (مصابيح) معلقة بعرش الرحمن، تذهب إلى الجنة، وتمشي فيها.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :«أرواحُهم في جوفِ طيرٍ خُضرٍ، لها قناديلُ مُعلَّقةٌ بالعرشِ، تسرحُ من الجنةِ حيث شاءت، ثمّ تأوي إلى تلك القناديلِ».
شهداء من الصحابة
إن الصحابة والتابعين قد استشهدوا في غزوات التي قادها الرسول، والحروب الأخرى.
شهداء غزوة بدر
غزوة بدر من أشهر وأول غزوة قادها النبي في بداية الفتوحات الإسلامية، وسميت بدر نسبة لبئر بدر بين مكة والمدينة، وتعرف أيضًا بيوم الفرقان لأنها فرقت بين الحق والباطل، ووافق السابع عشر من رمضان سنة 2 هجريًا، من المستشهدين في بدر 14 شهيدًا، منهم:
- سعد بن خيثمة.
- عمرو بن أبي وقاص، ( أصغر الشهداء في بدر 16 سنة).
- حارث بن سراقة.
شهداء غزوة أحد
في غزوة أحد كان ابتلاء عظيم للمؤمنين، فاستهشد العديد من المؤمنين والصحابة وأقارب الرسول في تلك الغزوة. ونزل فيهم قول رسول الله تعالى: «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» (آل عمران:169). [6]
- حمزة بن عبدالمطلب.
- مصعب بن عمير.
- حنظلة بن أبي عامر.
- سعد بن الربيع.
- أنس بن النضر.