هناك الكثير من المفاهيم المتعلقة بالعملية التعليمية والمناهج والمحتويات الدراسية إلى جانب الخبرات التعليمية أيضًا وأهمية كل منهما في سير العملية التعليمية بشكل صحيح وسليم ، وفي هذا الصدد ؛ فإن الكثير من الباحثين في مجال التربية والتعليم في حاجة إلى معرفة الفرق بين تلك المفاهيم وخصوصًا الاختلاف في المعنى بين المحتوى والخبرة بشكل دقيق .
تعريف المحتوى
المقصود بالمحتوى هو المنهج والمادة الدراسية أو التعليمية بكل ما تحمله من بيانات ومعلومات ونقاط ومهارات ودروس ووحدات يتم اختيارها بواسطة أهل الخبرة من المعلمين والتربويين وتنظيمها وترتيبها بتسلسل منطقي بهدف تحقيق العلم النافع للمتعلمين وإكسابهم أهم المهارات التعليمية والدراسية في أي من المقررات الدراسية أو المواد التي ينبغي أن يتعلمها الطالب في كل مرحلة دراسية .
يهدف المحتوى بوجه عام إلى رفع مستوى العلم والمعرفة لدى المتعلمين وتحويل الأهداف إلى اليات تنفيذ واقعية تُفيد بالفعل في تحقيق الفائدة للمتعلمين والمعلمين أيضًا .
الية اختيار المحتوى
لا يتم اختيار محتوى المناهج الدراسية والمواد العملية بشكل عشوائي ؛ وإنما يتم الاعتماد على مجموعة من المعايير التي يتم من خلالها الوصول إلى أفضل صورة للمحتوى تضمن الحصول على أكبر قدر من المعرفة عند تطبيقها بشكل صحيح ؛ ومن أهم هذه المعايير ، ما يلي :
-الموضوعية : حيث أنه من المهم دائمًا ان يتميز المحتوى الدراسي بالموضوعية وأن لا يكون منحازا لجهة دون الأخرى بأي حال من الأحوال ؛ وإنما لا بُد أن يكون محتوى راقي مُنزه من الأغراض الشخصية .
-الصدق : الصدق والثبات أيضًا والعلاقة الحقيقية بين المحتوى الدراسي والأهداف المرتبطة به يُعتبر من أهم المعايير التي يتم من خلالها بناء منهج قوي وإيجابي إلى حد كبير .
-التوازن : يُذكر إن التوازن في عرض المعرفة العلمية يُساهم بشكل كبير جدًا أيضًا في تحقيق الفائدة المنشودة والمرجوة من العملية التعليمية ، وفي هذا الصدد ؛ أشار الخبراء إلى أهمية أن يكون هناك درجة توازن تفوق الـ 95 % بين كل من شمولية المحتوى وأغراضه .
-مراعاة ميول المتعلمين : لا بُد أن يعي ويفهم جميع القائمين على العملية التعليمية أن ميول المتعلم ورغبته في فهم ودراسة موضوع أو مادة مُحددة يتمثل عامل كبير جدًا في نجاح هذا المحتوى ؛ لأن الطالب هنا سوف يكون اغبًا طوال الوقت في البحث والاستكشاف والاستزادة من العلم في هذا المنهج الدراسي بشكل يُحقق قدر فائق من الفائدة سواء من الجهة العملية والمعرفية أو الجهة المهارية .
-مراعاة الفروق الفردية : لا شك أن الفروق الفردية بين كل متعلم والاخر هي امر يرجع إلى عدة عوامل مختلفة ، ولكن الواقع في العملية التعليمية هو انه يوجد طلب سريعي التعلم والتحصيل واخرين أقل في المستوى ، ولذلك ؛ لا ُمكن أن يتم وضع محتوى تعليمي يتناسب فقط مع الطلاب المتفوقين والعكس صحيح ، وإنما يجب أن تكون معظم أجزاء المنهج وسطية بين المستويين قدر الإمكان .
-مراعاة ثقافة المجتمع : من الضروري جدًا أن يُراعي المنهج التعليمي تقاليد وعادات وقيم المجتمع ؛ حيث يجب أن لا يتم تعليم الطلاب على سبيل المثال عادة سيئة تقبلها المجتمعات الغربية وترفضها المجتمعات العربية ، وهكذا .
مكونات المحتوى
أما مكونات المحتوى ، فهي تشمل أربعة أجزاء رئيسية ، هي :
-الحقائق : وهي التي لا بُد أن يعيها ويفهمها الطلاب ولا بُد أن تكون حقيقية بالعف خالية من الزيف أو الكذب ،.
-المفاهيم والمصطلحات : هي التي سوف يتم سرد تلك الحقائق من خلالها والتي تُشير بإيجاز إلى بعض الحقائق والأفكار المتقاربة .
-التعميمات : أما التعميم بين المفاهيم المختلفة ؛ فهو يُعني الربط بين الأفكار والمعلومات والمترادفات وبعضها البعض مثل الربط بين مفهومين أو ثلاثة أو أكثر .
-النظريات : وبها يتم توضيح النظريات والمبادئ التي ترتبت على تلك الحقائق والمفاهيم وملاحظة إمكانية تطبيق تلك المفاهيم والحقائق بشكل واقعي ، وقد أشار العلماء إلى أن النظرية عبارة عن مجموعة متسلسلة من الفروض من أجل تفسير العديد من الظواهر والحقائق من حولنا .
تعريف الخبرة التعليمية
أما الخبرة التعليمية ؛ فهي تُعني ما يحصل عليه المتعلم من خبرات نتيجة التفاعل بينه وبينه الظروف والأحداث التي تحيط به والتي يتم من خلالها إحداث التعلم المستمر الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى أن يُصبح المتعلم خبير إلى حد ما في ما يدرسه ، وهذا ما يُعرف باسم اكتساب الخبرة التعليمية ، وقد أوضح بعض التربويين أن مصطلح الخبرة التعليمية يُشير إلى كل ما يحصل عليه الفرد من علم ومعرفة وما ينتجه من أفكار ومعلومات نتيجة هذه المعرفة ولكن بشرط أن تقوده تلك الخبرة إلى تحقيق أفضل مستوى أداء عما كان عليه قبل اكتساب هذه الخبرة .
أهمية الخبرة التعليمية
الخبرة العلمية تُعد هي الهدف الأهم من المناهج والمحتوى والطرائق التدريسية ؛ حيث أنها تهدف بالكامل إلى تنمية الخبرات العلمية والمعرفية والمهارية والسلوكية لدى المتعلمين ولدى المعلمين أيضًا ، ولا سيما أن التمكن من اكتساب الخبرة العلمية يأتي على الفرد بعدد هائل من المزايا ، وهي تشمل ما يلي ك
-تُساعد الخبرة التعليمية بشكل كبير جدًا على تنمية المهارات الفكرية والإدراكية لدى المتعلم ؛ ولا تظهر الخبرة التعليمية في الكثير من الأحيان إلى بعد الانتهاء من دراسة المحتوى ؛ حيث يكون الطالب أو المتعلم هنا قادرًا على الربط والتخيل وبناء العلاقات بين المفاهيم والمعلومات المختلفة ؛ مما ينمي لديه مهارة التفكير والتحليل إلى جانب بالطبع الخبرة الكبيرة في أحد مجالات أو فروع العلم .
-عبر الخبرة التعليمية ولا سيما إذا كان المعلم حريضًُا عليها ؛ سوف يتمكن من اكتساب قدر كبير للغاية من العلم والمعرفة ولا يقتصر الأمر هنا على المعلومات التي يحصل عليها الطالب من المعلم او عبر المنهج الدراسي فحسب ؛ بل إن ذلك سوف يقوده إلى البحث والتقصي والاستكشاف والتحليل من أجل تعميق معلوماته ؛ وهو أمر بالطبع يعود على المتعلم بالفائدة الكبيرة من جميع جهات .
-ومن جهة أخرى ؛ فإن الخبرة التعليمية التي يحصل عليها الطالب في كل فرع من فروع العلم التي يقوم بدراستها طوال سنواته الدراسية خصوصًا في المرحلة الأساسية تساعده على تحديد ميوله العملية واتجاهاته الفكرية هل هي نحو التجارب العلمية الفيزيائية والكيميائية أم أنه يميل أكثر إلى الأدب واللغة أم يميل إلى استخدام المسائل والمعادلات الحسابية أو أن لديه ميول فنيه أو غيرها من الميول الأخرى التي يُمكن ملاحظتها على الطالب من خلال اهتمامه بأحد المواد والمناهج الدراسية دون الأخرى .
ويرى خبراء التربية والتعليم أن الجمع بين المحتوى المتقدم والمتطور الذي يُراعي المعايير الأساسية لبناء المحتوى الدراسي الناجح ويضيف عليها المزيد من التحسينات التي تتوافق مع طبيعة كل نظام تعليمي في كل دولة ، إلى جانب الحرص على إكساب الطلاب قدر كبير من العلم والمعرفة والخبرة التي تُساعده في بناء شخصية معرفية وميول فكرية وخبرات تعليمية متطورة تُعد هي المعيار الأهم والرئيسي في وضع نظام تعليمي صحيح وإيجابي وذو مردود إيجابي على جميع عناصر العملية التعليمية .