المرض منحة من الله للإنسان يختبره فيها على صبره وإيمانه به، ولولا الامتحان لما ظهر فضل الصابرين والصبر،
وعظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط،
ومن اكتمال إيمان المرء عيادة المريض وزيارته والدعاء للمريض بالشفاء ورقيته،
والسنة النبوية ورد فيها العديد من الأدعية والأوراد المستحبّ الدعاء بها عند كلّ مسألة يتمناها العبد من ربه،
وللدعاء للمريض بالشفاء من الأمراض والأسقام أدعية مخصوصة، تختلف عن الأدعية التي يدعو بها المسلم في مختلف أمور الحياة.
فضل الدعاء للمريض وعيادته
تعتبر زيارة المريض والدعاء له بالشفاء حقا للمسلم على أخيه المسلم، والأصل في باب عِيادة المريض أنها شرعت في حقِّ جميع المرضى،
ولجميع الأمراض فقد حثنا الرسول الكريم على هذه العبادة لما لها من فضل عظيم:
قال صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ. وفي رواية: خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ،
وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ. رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية أخرى عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَطْعِمُوا الْجَائِعَ،
وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ. رواه البخاري.
قَالَ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ
مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني.
وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ،
وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ).
صححه الألباني في صحيح الترمذي، وقد علمنا النبي كيفية الدعاء للمريض ورقيته وأنه من تمام الإيمان وحسن إسلام المرء.
الدعاء للمريض بالشفاء من السنن التي حث عليها النبي الكريم
يوجد في السنة النبوية العديد من الأدعية للمريض، وبعض منها قد وضح الرسول عليه السلام كيفية الدعاء للمريض بها
سواء بوضع اليد موضع الألم أو عدد مرات تكرار الدعاء، وهذه مجموعة من الأدعية النبوية:
عن ابن عباس عن النبي ‑صلى الله عليه وسلم- أنه قال : «من عاد مريضًا، لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات:
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض» رواه أبو داود والترمذي.
وعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا اشتكَى مِنَّا إنسانٌ، مَسَحَهُ بيمينهِ،
ثمَّ قالَ: أَذهِبِ الباسَ، رَبَّ الناسِ، واشْفِ أنتَ الشافي، لا شِفاءَ إلا شِفاؤُكَ، شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
وعنها رضي الله عنها قالت: (كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا عَادَ مريضاً يَ
ضَعُ يَدَهُ على المكانِ الذي يَأْلَمُ، ثمَّ يقولُ: بسمِ اللهِ لا بأسَ) رواه أبو يعلى وحسنه ابن حجر.
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعُودُهُ وَبِهِ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِشِدَّةٍ
ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَشِيّ وَقَدْ بَرِئَ أَحْسَنَ بُرْءٍ فَقُلْتُ لَهُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ غُدْوَةً وَبِكَ مِنَ الْوَجَعِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ بِشِدَّةٍ
وَدَخَلْتُ عَلَيْكَ الْعَشِيَّةَ وَقَدْ بَرِئْتَ فَقَالَ يَا ابْنَ الصَّامِتِ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَقَانِي بِرُقْيَةٍ بَرِئْتُ أَلاَ أُعَلِّمُكَهَا
قُلْتُ بَلَى قَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ حَسَدِ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ بِسْمِ اللَّهِ يَشْفِيكَ. أخرجه أحمد والنَّسَائي.
دعاء المريض لنفسه
دعاء المريض مستجاب سواء لغيره أو لنفسه، ويوجد العديد من الأدعية التي يمكن
أن يدعو بها الإنسان ربه ليشفيه ويزيل عنه الأمراض والأسقام والأوجاع ومنها:
أعوذُ بِكلماتِ اللَّهِ التَّامَّة من غضبِه وعقابِه وشرِّ عبادِه ومن همزاتِ الشَّياطينِ وأن يحضرونِ.
عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال لأسماء بنت أبي بكر الصدّيق، «ضعي يدك اليمنى على ما يؤذيكِ،
وقولي بسم الله اللهم داوني بدوائك، واشفني بشفائك، وأغنني بفضلك عمّن سواك واحدر عني أذاك».
بسمِ اللهِ أرقي نفسي من كلِّ شيٍء يُؤذيني من شرِّ كل نفسٍ أو عينِ حاسدٍ اللهُ يشفيني بسمِ اللهِ أَرْقِيني.
أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يَشفيَني. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا وبرحمتك
التي وسعت كل شيء أن تمنّ علي بالشفاء العاجل، وألّا تدع في جرحا
إلّا داويته ولا ألماً إلا سكنته ولا مرضا إلا شفيته وألبسها ثوب الصحة والعافية عاجلاً غير آجلاً.
اللهم إني أسألك العفو والعافية في دنياي وديني، وأهلي ومالي.
صحيح الجامع الصغير، وأيضًا اللهم ألبسني ثوب الصحة والعافية، عاجلاً غير آجل يا أرحم الراحمين.
أيضًا أعوذُ بكلماتِ اللهِ التاماتِ التي لا يُجاوزُهنَّ برٌّ ولا فاجرٌ من شرِّ ما خلق وذرأَ وبرأَ
ومن شرِّ ما ينزلُ من السماءِ ومن شرِّ ما يعرجُ فيها
ومن شرِّ ما ذرأ في الأرضِ ومن شرِّ ما يخرجُ منها ومن شرِّ فتَنِ الليلِ والنهارِ ومن شرِّ كلِّ طارقٍ إلّا طارقاً يطرقُ بخيرٍ يا رحمنُ.
دعاء للمريض من القران الكريم
ورد في القران الكريم عدة مواضع سواء كانت دعاء للمريض لنفسه أو لغيره، وتستخدم هذه الآيات للشفاء من العديد من الأمراض
التي قد تصيب الإنسان، سواء كانت أمراضا نفسية أو جسدية أو روحية أو من الشيطان كالمس أو الحسد والسحر ومنها:
أول ما يبدأ الدعاء للمريض هو قراءة سورة الفاتحة “بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)”
“وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمه للمؤمنين”، يقولها المريض (ثلاث مرات متتالية).
“رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”، (ثلاث مرات).
ثم يقرأ “الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين”، (ثلاث مرات).
وبعدها يتلو آية الكرسي “اللَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ
إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”.
يقرأ المريض الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة “آَمَنَ الرَّسُولُ
بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ *
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا
رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.
الدعاء للمريض بالشفاء
ثم يقرأ سورة الفلق والناس والإخلاص والمعوذتين، فقد كان النبي –
صلَّى الله عليه وسلَّم – إذا اشتكى شيئًا قرأ في كفَّيه عندَ النَّوم سورةَ “قل هو الله أحد”،
و“المعوذتين” ثلاث مرات، ثم يمسح في كلِّ مرَّة يقرؤهم على ما استطاع من جسده، ويبدأ بالرأسِ والوجه والصدر في كلِّ مرَّة عند النوم.
(سورة الإخلاص ”قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴿1﴾ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿2﴾ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴿3﴾ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴿4﴾”
و(المعوذتين ” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿1﴾ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿2﴾ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿3﴾ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿4﴾
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿5﴾””قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿1﴾ مَلِكِ النَّاسِ ﴿2﴾ إِلَهِ النَّاسِ ﴿3﴾
مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿4﴾ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿5﴾ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿6﴾”.
“وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين”
(يكررها المريض ثلاث مرات متتالية).
“ويشف صدور قوم مؤمنين”، (تُكرر ثلاث مرات).