لقد كثر الحديث وكثرت النظريات والاراء والأفكار المتعلقة بدراسة حجم الكون الحقيقي
من أجل التوصل إلى معرفة حجم هذا الكون بشكل صحيح ودقيق ،
وقد اعتمد العلماء منذ عقود زمنية بعيدة على أكثر من وسيلة لتحديد أبعاد الكون
وتقدير المسافات بين الأجرام السماوية ،
وقد نجحت بعض تلك المحاولات وقد باء الكثير منها بالفشل إلى أن توصل العلماء
إلى مجموعة من النظريات التي تُساعد في تقدير حجم الكون والتي لا زالت تلقى درجة عالية من التشكيك حتى وقتنا هذا .
ما هو حجم الكون
لا يُمكن للعقل البشري أن يتخيل الحجم الحقيقي للكون ، ولكن مع التطور التكنولوجي وخصوصًا فيما يخص أجهزة الرصد الخاصة بحركة وحجم الأجرام السماوية المختلفة ،
تمكن بعض العلماء من وضع تصور تقريبي لحجم الأرض ، وفي هذا الصدد ؛
قامت وكالة الفضاء الأوروبية بإجراء مهمة فضائية أطلقت عليها اسم (بلانك) وكان ذلك تحديدًا في عام 2013م ،
ومن خلال هذه المهمة تمكنت الوكالة من أن تُقدم خريطة تفصيلية أكثر دقة عن أقدم نور قد ظهر بالكون ،
ومنا هنا تم تقدير عمر الكون بحوالي 14 مليار سنة ، وقد اعتمدت مهمة بلانك في حساب عمر الكون هنا على نظرية الخلفية الكونية الميكروية .
حجم الكرة الأرضية بالنسبة للكون
تعتبر الشمس جزء صغير من المجموعة الشمسية والنظام الشمسي ،
حيث أن المجموعة الشمسية تضم عدد كبير جدًا من الأجرام والكواكب والكويكبات والنيازك إلى جانب الشمس ،
وبالتالي ؛ فإن كوكب الأرض بكل مكوناته وأجزائه ما هو إلى نقطة في بحر الكون ، وبالتالي ؛ فإن الجزء المنظور لنا من الكون لا يتعدى 1 % من حجم الكون الكلي .
طرق قياس حجم الكون
اعتمد العلماء على عدة طرق من أجل قياس وتقدير حجم الكون ، ومن أهم تلك الطرق ، ما يلي :
- قياس الموجات : حيث أن العلماء بإمكانهم الاعتماد على قياس موجات الكون القديم ؛ حيث أن تلك الموجات تُعرف باسم الذبذبات الصوتية الباريونية ولاسيما أن تلك الذبذبات تملأ حيز هائل من الخلفية الكونية .
- الشموع القياسية : وتعتبر الشموع القياسية أيضًا واحدة من أشهر وأهم الطرق التي يتم من خلالها تحديد حجم الكون ؛ حيث أن هذه الشموع عبارة عن أجرام كونية سماوية ذات درجة سطوع مُحددة ، ويتم الاعتماد على درجة سطوع تلك الأجرام من أجل قياس المسافات ، التي يُمكن من خلالها بعد ذلك تقدير حجم الكون بشكل أقرب كثيرًا إلى الشكل الصحيح .
نموذج بايزي لحساب حجم الكون
ومن جهة أخرى ؛ اعتمد فريق من العلماء بقيادة عالم يُدعى Mihran Vardanyan
التابع إلى جامعة إكسفورد على أكثر من طريقة واحدة من أجل تحليل الإحصائيات التي تم الحصول عليها من خلال مختلف طرق قياس حجم الكون ،
وعبر النتائج التي توصل إليها الفريق ؛
وجدوا أن حجم الكون أكبر بما يُعادل 250 مرة على أقل تقدير من ما يبدو عليه عبر الكون المنظور ،
بل أشار هذا الفريق أيضًا اعتمادًا على نموذج بايزي أن قطر الكون قد يبلغ حوالي 7 تريليون سنة ضوئية .
العلاقة بين حجم الكون وشكله
كما قد أشار بعض العلماء أيضًا إلى أن حجم الكون يعتمد بشكل كبير جدًا على شكله ؛
غير أن شكل الكون نفسه قد شهد عدد من الاراء المختلفة ؛
حيث أشار البعض إلى أن الكون ذات شكل مغلق مثل الكرة ،
أو ذو شكل منحني غير منتزم مثل السرج ، وقد أشار البعض أيضًا إلى أ، الكون له شكل مُسطح غير محدود ،
ولأن الكون المحدود لا بُد أن يكون له حجم محدود يُمكن قياسه ؛
فإن هذا الأمر ينطبق أيضًا على الكرة المغلقة أما الكون غير المحدود ؛ فلا يُمكن قياسه ،
وبالتالي ؛ إذا كان الكون بالفعل على شكل دائرة فسوف يكون من الممكن يومًا ما التعرف على حجمه الحقيقي ؛
أما إذا كان الكون ذو شكل غير مُحدد ؛
فلن يكون من الممكن التوصل إلى حجمه الحقيقي .
وقد أشار بعض العلماء في وكالة ناسا الفضائية
أن الكون ذو الشكل المسطح مع نسبة خطًا تصل تقريبًا إلى 0.4 بالمائة ،
وهذا الأمر قد يغير الأفكار القابعة في الأذهان عن ضخامة حجم الكون .
وفي وقت سابق تلى تلك الاراء ؛
ذكرت وكالة ناسا أيضًا أن النتائج التي قد توصلوا إليها مؤخرًا تُعني أن الكون ذو مدى غير محدود ، ولكن ؛
نظرًا إلى أن الكون ذات عمر مُحدد ؛ فلا يمكن للعامة أن ترى إلى جزء محدود منه فقط ،
وفي نهاية الأمر اكدت ناسا على أن جميع الاستنتاجات التي قد توصلت إليها تؤكد على حقيقة أن الكون أكبر كثيرًا مما يبدو عليه عند ملاحظته بشكل مباشر .
الموجات الضوئية وتأثير دوبلر
إن تأثير دوبلر Doppler Effect هو أحد أهم المفاهيم المشهورة في عالم الفيزياء ،
وحتى يُمكنك فهم هذا التأثير ؛ فهو يعني أن التواجد في بؤرة المصدر تجعلك في أعلى درجات التأثر ،
وكلما ابتعدت عنه كلما انخفض هذا التأثير ، وعلى سبيل المثال ؛ عند المرور إلى جوار سارينة الإسعاف ؛
يكون صوت الصفير في أوجه بجانب السيارة ، ولكن كلما ابتعدت كلما قدل حدة الصوت تدريجيًا ، وبالمثل ؛
فإن الموجات الضوئية كلما ابتعدت عنها كلما قلت نسبة الضوء المرئية .
حيث أن تأثير دوبلر يتم تطبيقه أيضًا على الموجات الضوئية ولكن من خلال الاعتماد على مقاييس أكثر دقة ،
حيث يستخدم العلماء مقياس ضيف أشعة الضوء المنبعثة من اجل الكشف عن مدى بعد الأجسام والأجرام السماوية المختلفة البعيدة جدًا وخصوصًا المتوهجة منها مثل النجوم .
وقد وجد العلماء أن هذا الطيف يحتوي على خطوط داكنة ومظلمة ، ويرجع ذلك إلى حدوث امتصاص أضواء مُحددة بواسطة بعض العناصر ،
وكلما ابتعدت تلك الأجسام كلما زادت درجة الظلام والاقتراب من الـ Red shift ، ولا يحدث ذلك نتيجة أن تلك الأجسام بعيدة جدًا ؛
وإنما نتيجة أن تلك الأجسام في حالة حركة دائمة ومستمرة أيضًا ، وبالتالي فإن مراقبة هذا الانزياح قدر الإمكان في الأجرام والجسام السماوية قدر يُشير إلى أن حجم الكون ليس ثابتًا وإنما يتمدد بالفعل طوال الوقت .
وقد يتعجب البعض ؛ كيف يتم امتصاص أضواء معينة فقط دون الأخرى بواسطة هذه الأجسام السماوية البعيدة ؛
والإجابة على ذلك يُمكن تفسيرها إلى أن اللون الأبيض أو الضوء الأبيض هو شعاع واحد مكون من سبعة ألوان ، وبالتالي ؛
عندما ينكسر الضوء الأبيض إلى عدة ألوان أخرى هي سبعة ألوان يُطلق عليها
العلماء اسم ( ألوان الطيف ) ؛
يتم امتصاص بعض الألوان منها دون الأخرى بواسطة الأجرام السماوية
واعتمادًا على شكل ولون وطبيعة كل جسم أيضًا .
وما سبق يُوضح بشكل قاطع أن العلماء حتى هذه اللحظة لم يتوصلوا إلى حجم مُحدد
للكون رغم درجة التقدم التكنولوجي التي قد توصل إليها العالم حاليًا ؛
ولكن الأمر الأكيد فقط حتى الان هو أن الكون أكبر كثيرًا مما يتصور العقل البشري .