حوار بين الام وابنتها عن صلة الرحم
حوار
بين الام وابنتها ، عادت الابنة من المدرسة ، وكانت شاردة التفكير ،
سألتها الأم فيما أنتي شاردة يابنتي ، قالت الابنة حدثتنا المعلمة اليوم
عن موضوع هام يا أمي وأنا أرغب في مناقشته معكي ، فقالت الأم خير يا
ابنتي لقد تشوقت لمعرفة هذا الموضوع .
بدأت
الابنة بقراءة هذا الحديث الشريف عن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول
الله : (( إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذُلَق ، اللهم صل
من وصلني واقطع من قطعني ، فيقول ـ تبارك وتعالى ـ : أنا الرحمن الرحيم ، و
إني شققت للرحم من اسمي ، فمن وصلها وصلته،ومن نكثها نكثه))
ثم
سردت لنا المعلمة قصة شاب ذهب لحضور محاضرة الحديث الأسبوعية لسيدنا أبو
هريرة لكنه توقف عندما سمعه يقول: “إذا قطع أحد من الجالسين هنا أية صلة
قرابة (قطع الرحيم) فعليه المغادرة”.
وأشار
إلى أنه لم يكن يتحدث مع عمته التي تعيش في نفس المدينة. غادر الشاب
التجمع بهدوء وتوجه مباشرة إلى منزل عمته وطلب الصفح عن سلوكه السابق وسعى
إلى التقارب ، ولما استفسرت العمة عن سبب هذا التغيير روى الحادث. قبلت
الاعتذار لكنها طلبت منه أن يستفسر من أبو هريرة عن سبب هذا البيان غير
المعتاد ، لماذا ترك أبو هريرة كل الكبائر الأخرى وركز فقط على هذا؟ ما
الذي يميز روابط القرابة؟
أجاب
سيدنا أبو هريرة أنه سمع من الرسول صلى الله عليه وسلم (( إن أعمال بني
آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم )) ، ولم يرد أن
يجلس مثل هذا الشخص في حاشيته التي عقدت في نفس الليلة خوفا من أن يحرم
ذلك التجمع كله من البركات
واستكملت الابنة حديثها قائلة : ألهذا الحد صلة الرحم مهمة يا أمي ، وما هي صلة الرحم ، وكيف أصل رحمي ، وما هي فوائد صلة الرحم .
ضحكت الأم ، وقالت لابنتها هدئي من روعك يا فتاة وسأخبرك بكل ما تحتاجين إلى معرفته .
قالت
الأم : صلة الرحم هي اللباقة والمعاملة اللطيفة والاهتمام بجميع الأقارب
حتى لو كانوا على صلة قرابة بعيدة أو فاسدين أو غير مسلم أو غير مقدر ، في
حين أن كل دين تقريبًا قد أكد على العلاقات الأسرية الجيدة ، إلا أن
الإسلام ارتقى به إلى مستويات غير مسبوقة ، إنه واجب أن تُعفى من الخدمة
دون عين للمعاملة بالمثل ، يشترط على المسلم أن يكون لطيفًا حتى مع أقاربه
من غير المسلمين ، ومثله مطلوب منه أن يحسن حتى مع من يسيء إليه.
في
الإسلام ، أهمية الحفاظ على العلاقات الأسرية لها أهمية قصوى، وقال سبحانه
وتعالى : (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي
الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ
اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) (محمد:23)
قالت الابنة : ما هي مزايا وفوائد الحفاظ على العلاقات الأسرية الجيدة وصلة الرحم ؟
قالت الأم : فوائدها كثيرة ، أولًا صلة الرحم هي أحد أسباب دخول الجنة .
قالت الأبنة : وهل هذا صحيح يا أمي.
قالت
الأم : نعم يا بنتي ، فجاءت في السنة المشرفة أحاديث عن صلة الرحم ، عن
أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه – أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم
: أخبرني بعمل يدخلني الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تعبد
الله،ولا تشرك به شيئاً،وتقيم الصلاة،وتؤتي الزكاة،وتصل الرحم))
واستكملت الأم قائلة الحفاظ على العلاقات مع أفراد الأسرة وصلة الرحم يطيل عمر المرء ويزيد من رزقه.
عن
أنس بن مالك_ رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((من سرهُ أن يبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في أثرة فليصل رحمه))
سألت الابنة وهل يوجد ضرر من قطع صلة الرحم والروابط العائلية
قالت
الأم لا يقتصر الأمر على قطع الأواصر العائلية ، بل هو حرام لا جدال فيه
في الإسلام ، ويعتبر من الكبائر التي لا تغفر إلا بالتوبة الصادقة ، وهي
نوع التوبة. وهو ما يشمل حقوق الآخرين ، أي أنك تحتاج إلى إصلاح الأمور
معهم والاستغناء عنهم حتى يقبل الله توبتك ، وتطلب منه الرحمة والمغفرة .
سألت الابنة : وهل توجد آيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد هذا يا أمي ؟
قالت الأم : بالتأكيد يابنتي .
لعنة
الله على من قطع قرابة الدم ، وقد حذر الله تعالى بشدة من قطع علاقات
الدم والأقارب. كما أدان النبي هؤلاء الناس. يقول الله تعالى:
وقال
سبحانه وتعالى : (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ))
(محمد:23)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع الرحم))
سألت الابنة ماهي طرق تقوية روابطنا أواصرنا مع أقربائنا ؟
قالت الأم : هناك طرق عديدة يا بنتي :
أولًا
يمكن ترتيب زيارات متكررة مع الأقارب الذين يعيشون بجوارنا أو بالقرب منا
، كل أسبوعين إذا كانوا في نفس المدينة أو على أساس سنوي على الأقل إذا
كانوا يقيمون في الخارج ، اعتمادًا على قدرات الشخص ، لكن تذكر دائمًا ،
أقل ما يمكنك فعله هو التواصل معهم عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي
أو البريد الإلكتروني الخاص بك والكتابة إليهم كم يتوق قلبك إليهم وأنهم
لم ينسوا على الإطلاق ، خلاف ذلك ، ارفع الهاتف وأخبرهم كم تحبهم ولا
يمكنك الانتظار لزيارتهم ، الأشياء الصغيرة يمكن أن تحدث فرقا كبيرا.
ثانيًا في تجمع عائلي ، لا تدع الفرصة تفوتك لتوضيح كل سوء الفهم ، واظهر لكل أقاربك حبك واهتمامك.
ثالثًا
احترم جميع كبار السن في عائلتك ، وكن آذانًا صاغية عندما يروون قصصهم
وحاول التعلم من تجاربهم السابقة ، عند التحدث معهم ، اهتم بما سيقولونه ،
استمع إلى مخاوفهم ، وساعدهم إذا استطعت
رابعًا
قم بإضفاء البهجة على التجمعات العائلية من خلال خلق جو من المرح ومشاركة
النكات أو حتى الاستمتاع ببعض المرح في بعض الأحيان – ولكن دائمًا ضمن
حدود اللياقة ودون الإضرار بمشاعر أي شخص.
رابعًا
كن موجودًا من أجلهم ، واعرض المساعدة بكل طريقة ممكنة ، صلة الرحم يا
بنتي من ملذات الحياة الجميلة لذا اغتنمي كل فرصة تتاح لكي لمساعدتهم
وزيارتهم والتواجد معهم في سبيل الله.
واختتمت الأم كلامها قائلة : كثير من الحسنات تؤتي ثمارها لن ترى إلا في
الآخرة ، لكن الحفاظ على العلاقات الأسرية الجيدة هو أمر سيفيدك على الفور
، من خلال جعل هذه الحياة أكثر سعادة وأكثر إرضاءً ومكافأة ، والأهم أن
الله سيكافئنا بسخاء على كل ابتسامة وكل حضن وكل فعل كرم وكل مكالمة
هاتفية أو بريد إلكتروني أو رسالة وكل كلمة تشجيع وكل قمع للغضب وكل حالة
تسامح تجاه أفراد أسرتك. من يستطيع أن يحرم من مثل هذه المكافأة الهائلة؟
لا تدع نفسك ممن قطعوا ما أمر الله بالانضمام إليه:
وقال
سبحانه وتعالى : (( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ
مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ
الدَّارِ))