السياحة كما هو معلوم لدى الجميع من أهم مستلزمات الحضارة ، ولطالما اعتمدت عليها دول العالم ،
لزيادة دخلها الاقتصادي ، وتنشيط الحركة التجارية وتقليل نسبة البطالة ، إضافة لما للسياحة من تبادل ثقافات ، وتطوير للمجتمع.
والسلوك بشكل عام له عدة تعريفات ، منها أنه كل ما يصدر من أي كائن حي من استجابات ، ويعرف أيضًا بانه أفعال الفرد السيكولوجية التي تتضمن الأنشطة ،
ويعرف أيضًا بأنه الفعالية التي يقوم بها الفرد من تصرفات وأفعال تبدأ بمنبه وتنتهي باستجابة ، وبناء عليه نستطيع القول بأن تعريف سلوك السائح ،
هو التصرف الذي يصدر من الشخص نتيجة تعرضه لمنبهات خارجية أو داخلية أو كلاهما معًا ، تجاه خدمة ما أو سلعة ما لغرض الإشباع منها.
السلوك السياحي
تعتبر السياحة ظاهرة عامة بين البشر يمارسها الأفراد ويعيشونها ، بأساليب متعددة ومتنوعة ،
تتخذ صورًا من السلوكيات المركبة واللفظية أثناء القيام بجولة سياحية ، فالسياحة سلوك يأخذ طريقه للتعبير الفردي أحيانًا ،
وللتعبير الجماعي أحيانًا أخرى.
وقد حظيت السياحة باهتمام كبير من الأوساط الدولية والإقليمية والعالمية ، لما لها من تأثير على بنية المجتمع وتطوره ،
وتأثيرها على اقتصاد الدولة وأفرادها ، خصوصًا إذا ما أخذ بعين الاعتبار الشركات التي تعنى بموضوع السياحة ، لما لها من مردود كبير عليها.
والسياحة ذات قيمة إيجابية لها تأثير واضح على الآخرين ، لما تضيفه من فائدة للفرد ، حيث تترك فيه الأمن النفسي والراحة ،
السلوك
وهما عنصران يعملان على زيادة كفاءة الفرد خاصة ، والمجتمع عامة ، كما أن سلوك السائح معقدًا لا يمكن دراسته ومعرفته بصورة مستقلة عن المنبهات الخارجية ،
تلك التي يمكن أن تكون بمثابة محفزات ومحرضات ، تسهل هذا النوع من السلوك المطلوب من السائح أو يسلكه ، لغرض فهمه فهمًا دقيقًا وموضوعيًا.
وعلى الرغم من ذلك فان اهتمام الباحثين بدراسة السلوك عامة ، وسلوك السائح بشكل خاص ،
قد تزايد مع نهاية القرن التاسع عشر ، وبداية القرن العشرين ، بعد أن خرج مجال البحث العلمي ،
الذي قام به العلماء الرواد أمثال لوبروز ، وجورنج وبافلوف.
ومن جانب آخر فان السلوك ليس سلوكًا فرديًا ،
فالعلاقة بين الفرد والجماعة ، هي التي تجعل استجابته تختلف عن استجابة الآخرين ، من أعمار زمنية أخرى ، كما أن العوامل الثقافية والاقتصادية تتحكم في نمط السلوك العام ،
وسلوك السائح بشكل خاص ، كما تتحكم في نمطية جوانب السلوك الأخرى ، فممارسات السلوك التي يوظفها الأفراد والجماعات ،
لا تكون عشوائية في تعبيرها ، بل تتبلور في الأطر البنيوية التي توجهها.
النظريات التي تفسر سلوك السائح
النظرية الغريزية
النظرية الغريزية هي احدى نظريات فرويد وماجدوجل ، حيث تعتبر هذه النظرية أن السلوك الغريزي تكون الاستجابة فيه نتيجة انفعال لمنبه ما ،
وهذا ما يعبر عنه بالغريزة ، فالغريزة هي فطرية استعداد مشترك بين أفراد النوع الواحد ، تتطلب الاهتمام بأنماط معينة من الأشياء والمواقف ،
وهذا هو الجانب المعرفي فيها ، وأن نشعر بانفعال تجاه هذه الأشياء وهو الجانب الانفعالي ، وهي تستدعينا لأن نعمل ازاءها بطرق خاصة ، وهو جانب نزوي.
النظرية الأثولوجية
ترى النظرية الأثولوجية لأراداري ومنظرين آخرين ، أن الأنماط السلوكية ذات القيمة المختلفة في بقاء وسلوك السائح ،
تتوافق مع القوانين الدولية والاجتماعية ، حتى يتمكن من العيش بسلام دون أن يكون عرضة لخطر السلوك ، والسلوك هنا هو تصريف الطاقة المجتمعة لدى الفرد ،
والمسببة لظهور استجابة معينة ، علمًا بأن هذا التصرف قد يكون على أشكال متعددة مثل ( الحركات – الألفاظ – التفكير – الكلمات).
نظرية التعلم الاجتماعي
من المعروف أن كثير من الأنماط السلوكية ، تكتسب من خلال المحاكاة والتعلم بالملاحظة ، فيقول أرسطو في هذا السياق
( أن التقليد قد يزرع في الإنسان منذ الطفولة ، واحدى الاختلافات بين الإنسان والحيوانات الأخرى ، يتمثل بأنه أكثر الكائنات الحية محاكاة ، ومن خلال المحاكاة يتعلم دروسه).
والسلوك الاجتماعي هو مجموع التفاعلات بين الناس ، وعادة ما يعزز أو يعقب من الآخرين أيضًا ،
وهو مثال واضح للتفاعل بين الأفراد فيما بينهم وبين البيئة ، لذا فان الفكرة الأساسية التي تقوم عليها هذه النظرية ،
هي أن السلوك الاجتماعي يتعلمه الفرد من خلال الغير عن طريق النمذجة ، أي عن طريق مشاهدة الغير في سلوك ما ،
وحين يحصل على نتائج مجزية من قيامه بهذا السلوك فهو يميل لتقليد غيره ، مما يؤدي إلى تعميم هذا السلوك.
ورائد تلك النظرية هو باندورا حيث يرى أن السلوك يتم تعلمه عن طريق ملاحظة نماذج يتعامل معها الفرد ، داخل أسرته أو مدرسته أو من خلال أصدقائه ،
أو حتى أفلام السينما ، أو التلفزيون وفي القصص التي يسمعها من الأفراد ، أو التي يقرؤنها ومنها يحصلون على نماذج سلوكية يقلدونها.
النظرية الاقتصادية لسلوك السائح
ترتكز النظرية الاقتصادية لسلوك السائح على مفهوم الرجل الاقتصادي ،
أو الرجل الرشيد ، حيث تفترض في الرجل الرشيد أنه على علم تام بجميع المشاكل والمعوقات ، التي يمكن أن تواجهه قبل أو أثناء أو بعد الحصول على الخدمة السياحية.
كما يفترض أن يعرف جميع الحلول البديلة المتاحة أمامه ، من أجل اتباع منحنى سلوكي قويم ،
يتناسب مع اعتبارات كثيرة تتعلق بشخصيته ومكانته وميوله ورغباته ، كما يتطلب أن يتوقع النتائج التي تنتج من اختياره أي بديل لنوعية الخدمة السياحية الرشيد.
وبعد ذلك يستطيع أن يتخذ القرار ، والرجل الاقتصادي كمستهلك أو سائح ، باعتباره يدفع قيمتين للحصول على الخدمة السياحية هما الوقت الذي لا يمكن تعويضه ،
والمال الذي يمكن تعويضه أيضًا ، وفي ذلك عليه أن يختار الشراء بدقة بين البدائل المتاحة ، قبل اتخاذ أي قرارات ، والتي منها التالي :
- السعر
وهو ما يدفعه السائح من تكاليف لأغراض السياحة والسفر ، بدأ من أول خطوة يقوم بها.
- الدخل
الذي يتقاضاه أو الذي يحصل عليه من جراء عمل أو خدمه يقوم بها ، وهي مصدر دخله.
- الأذواق
التي تميز المستهلك عن غيره ، في تقبله لمستوى نوعية الخدمة أو السلعة المقدمة.
- الوقت
الذي يختاره ويحدده السائح لقضاء وقت الاستجمام والراحة ، في برامج أو توجهات سياحية.
الآثار الناتجة عن سلوك السائح
منذ الوهلة الأولى التي يغادر فيها السائح من دولته ، إلى أن يعود إليها مرة أخرى ،
يتأثر سلوك السائح بالعديد من العوامل المختلفة ، كما يؤثر سلوكه في الدولة التي قام بزيارتها ،
إما بالإيجاب أو السلب ، في العديد من الجوانب الاجتماعية ، والاقتصادية ، والبيئية.
الآثار الاقتصادية الناتجة عن سلوك السائح
ينتج عن السلوك الشرائي للسائح العديد من الآثار الاقتصادية ،
أشهرها هي زيادة الإيرادات السياحية للدولة المزارة ، تلك الإيرادات التي تتمثل في إجمالي نفقات السائحين في الدولة ، على المزارات السياحية بها ،
وعلى الخدمات والسلع سواء السياحية منها أو الغير سياحية ، فالسائح يقوم بالإنفاق داخل المزار السياحي على وسائل النقل ، والإقامة ،
والإعاشة المختلفة ، إضافة لإنفاقه على الأنشطة الترفيهية ، والرياضية ، والمشتريات ، والمأكولات وغيرها.
فبوجه عام تشير الدراسات السياحية ، أن نفقات السائح تتدرج رأس أولوياتها في وسائل الإقامة ، يليها المأكولات والمشروبات ،
ثم يليها العناصر الأخرى مثل : الرحلات الداخلية ، والتنقلات والمشتريات ، ثم وسائل التسلية والترفيه بالترتيب.
فكما هو واضح مما سبق ذكره أن المشتريات تحتل مرتبة هامة من أوجه إنفاق السائح ، والتي تتمثل في السلع العادية ، والهدايا التذكارية ومنها يدوية الصنع ،
مما يؤثر بالإيجاب على انتعاش السوق بالنسبة لتلك السلع ، دون حاجة الأفراد إلى تصديرها.
الآثار الاجتماعية الناتجة عن سلوك السائح
كما سبق أن ذكرنا إنفاق السائح على السلع ، يجعله يتعامل مباشر مع البائع في الدولة المزارة ،
مما يخلق علاقات اجتماعية طيبة بين السائح ، ومواطني الدولة المزارة ، مما ينتج عنه آثار اجتماعية منها الإيجابي ومنها السلبي ،
حيث اختلاف العادات والتقاليد والقيم بين الشعوب بالعالم.
فمن الآثار الاجتماعية الإيجابية هي التبادل الحضاري بين السائح ومواطن الدولة
، ومد جسور للعلاقات الطيبة والتعاون بين أفراد الشعوب المختلفة ، إضافة إلى اكتساب عادات إيجابية أخرى ، مثل احترام الرأي الآخر ،
واحترام الوقت ، وغيرها.
أما الآثار الاجتماعية السلبية ، تتمثل في تدهور في القيم والسلوك الاجتماعي ، نتيجة الاحتكاك بعادات وتقاليد دخيلة على المجتمع ،
مثل التحول من كرم الضيافة إلى استغلال السائح ماديًا ، وذلك نتيجة سلوك السائح اللامبالي في الإفراط في الإنفاق على المشتريات والأنشطة الترفيهية ،
مما يؤثر سلبًا على المواطن الذي لا يشعر بصورة مباشرة بالدخل السياحي للدولة.
وهنا لابد من أن تتدخل الدولة المزارة في تنظيم السياحة وإدارتها ،
بطريقة صحيحة ، ينتج عنها آثار اجتماعية إيجابية لصالح السائح والمواطن ، وتوطيد العلاقات بينهما ، والمحافظة على العناصر السياحية بالدولة ،
والعمل على إحياء التراث اليدوي والفنون التقليدية ، لكي تؤدي السياحة دورها في تنشيط الآثار الاجتماعية والثقافية ، في العديد من المجتمعات.
الآثار البيئية الناتجة عن سلوك السائح
من المتعارف عليه أن زيادة الاستهلاك السياحي ، تؤدي إلى تطور الوسائل التكنولوجية المتنوعة ،
وخاص بالذكر وسائل النقل سواء البرية ، أو الجوية أو البحرية ، وذلك لمواجهة التزايد المستمر في أعداد السائحين.
ومن ناحية أخرى فمن الآثار السلبية البيئية لسلوك السائح ، مثل الإقبال المتزايد على وسائل النقل المتنوعة ،
يؤدي إلى العديد من أوجه التلوث ، سواء التلوث الشواطئ والمياه ، أو التلوث السمعي أو تلوث الهواء ، وكذلك فان زيادة الإقبال على المناطق السياحية ،
يؤدي إلى النمو العشوائي للمشروعات السياحية ، ففي كثير من الأحيان يتم ذلك دون مراعاة للطاقة الاستيعابية في المكان والتوازن الأيديولوجي له ،
وإضافة لكل ما سبق فان زيادة الزحام على المناطق السياحية في الدولة ، والمناطق الأثرية تحديدًا يهدد المستقبل السياحي بها.
سلوك السائح
وعن الآثار الإيجابية البيئية لسلوك السائح ، فقد ساهم ظهور شريحة من السائحين الجدد ، بعاداتهم الشرائية الإيجابية ، وسلوكهم الإيجابي ،
إلى دفع الدولة للحفاظ على البيئة بها ، وإنشاء العديد من المشروعات السياحية صديقة البيئة ، مثلما حدث في ماليزيا وتايلاند ، وجنوب أفريقيا ، وكينيا ،
بإنشاء فنادق بيئية ، وتنفيذ برامج علمية متوازنة تهدف لتحقيق الاستخدام الأمثل للعرض السياحي ، المتناسب مع الموارد السياحية بها ،
عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة ، والعمل المتواصل في الحفاظ على البيئة ، وطبوغرافيا الأرض ،
لجذب مزيد من شرائح السائحين ذو القدرات الإنفاقية العالية.
آثار سلوك السائح على تنمية المبيعات
يلعب التنشيط السياحي دور هام في إثارة الرغبات والدوافع لزيارة المقصد السياحي ،
وهنا تؤدي التضحية بفائدة ملموسة متمثلة في النقود ، إلى تحقيق فائدة غير ملموسة متمثلة في العمل على نجاح الرحلة السياحية ،
ويعتمد التنشيط السياحي على ابراز عناصر السياحة الهامة ، والتي تتصف بالجمود وعدم المرونة وعدم قابليتها للتغيير ،
مع عدم إمكانية تصدير العنصر السياحي للأسواق ، أي أن السائح يقوم بعملية الشراء ، دون معاينة مسبقة.
وبناء على ما سبق ذكر فان وسائل التنشيط السياحي ، تلعب دور هام في حث السائح وإقناعه على الشراء ،
مما يؤدي إلى تنمية المبيعات السياحية ، ولا نغفل أيضًا تركيز التنشيط السياحي على تحقيق المنفعة ،
التي يمكن أن يتمتع بها أكثر من فرد في وقت واحد ، وفي فترة محددة.
أهداف التنشيط السياحي على المستوى القومي والخاص
وتختلف أهداف التنشيط السياحي على المستوي الخاص ، و المستوي الحكومي الرسمي كالتالي :
- أهداف التنشيط السياحي على المستوى القومي الرسمي :
تتمثل في استخدام كافة وسائل الاتصال ، لإبراز الصورة السياحية للمقصد السياحي على أكمل وجه.
- أهداف التنشيط السياحي على المستوى الخاص :
فتتمثل في زيادة تحقيق الأرباح السنوية ، من السياحة.
أهداف التنشيط السياحي على مستوى السلع المادية
أما التنشيط السياحي على مستوى السلع المادية ، يعد سهل فللمستهلك الحق في استخدام العينات ،
ومعاينة المنتج قبل عملية الشراء ، كذلك من حقه أن ينقل السلع ويتداولها على سبيل التجربة ، إضافة لذلك فان السلع المادية تتصف بالمرونة ،
وقابليتها للتغيير والتطوير ، وفق لردود فعل المستهلكين عليها ، وإقبالهم علي شرائها ، مما يسهل من الجهود التنشيطية المبذولة في تسويق الخدمة.
كذلك فإن الحملات التنشيطية للسلع المادية ، تهدف لتحقيق رقم محدد من المبيعات ، خلال فترة زمنية محددة ،
مما يسهل عملية قياس فاعلية الحملات التنشيطية ، إضافة إلى أن التنشيط للسلع المادية الملموسة ، يوضح حقيقة حيازة هذه المنتجات ،
ويرجع ذلك لطبيعة السلعة المادية القابلة للانتقال بين المستهلك والبائع.
وبناء على ما سبق توضيحه فان عملية التنشيط السياحي ،
تعتبر أكثر صعوبة من عملية التنشيط السلعية ، مما يؤثر بشكل مباشر على قرار السائح الشرائي ،
الأمر الذي يوضح أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل التنشيط السياحي الناجحة ، في تنمية المبيعات السياحية.