هل تعتقد أنك شخص يمكنه التعبير عن رأيه الخاص تحت أي ظرف؟ أم أنك تميل إلى اتباع رأي الجماعة مهما كان؟

ربما أفصح خبراء علم النفس كثيرا عن أمور لا يمكننا توقعها تخص عقلية القطيع،

حيث نكشف الآن عن تجربة سولومون آش التي تعد المثال الأشهر لاتباع آراء الآخرين دون اقتناع خوفا من ارتكاب الأخطاء.

تجربة سولومون آش

يعد سولومون آش من أشهر خبراء علم النفس في القرن الـ20، والفضل يعود إلى دراساته المعروفة باسم تجارب آش للامتثال

والتي بدأت في خمسينيات القرن الماضي، حيث كانت تهتم بدراسة عقلية الشخص في ظروف مختلفة،

ومن بينها عندما يضطر إلى الموافقة على رأي الجماعة حتى إن بدا خاطئا من وجهة نظره.

تمثلت تجربة سولومون آش الأشهر في جمع أشخاص عدة في مكان واحد، حيث تقوم على طرح بعض الأسئلة على هؤلاء البشر،

فيما نجد أن جميع الأشخاص في تلك التجربة هم ممثلون تم الاتفاق معهم على تفاصيل التجربة،

باستثناء شخص واحد متطوع، هو من يلاحظ الخبراء ردود فعله.

تعتمد تجربة سولومون آش على قيام الخبراء بطرح أسئلة للمشاركين عما يشاهدونه من خطوط على سبيل المثال،

حينها يقوم الممثلون المتفق معهم على ذكر إجابات خاطئة وغير منطقية،

لقياس تأثير ذلك على إجابات الشخص الوحيد الذي لا يدرك حقيقة التجربة بشكل كامل.

التوافق مع الآراء الخاطئة

تكررت تجربة سولومون آش لمرات عدة، حيث قام الخبراء بالاستعانة بالممثلين ومعهم شخص واحد مختلف في كل مرة،

لملاحظة ردود فعله، ليتبين من خلال النتائج أن حوالي 75% من المشاركين قد وافقوا على آراء الجماعة،

رغم أن تلك الآراء كانت خاطئة بوضوح ولا تحمل الشك.

كذلك اتضح من خلال تلك التجربة الفريدة، أن مدى التوافق مع آراء الآخرين يتغير بناء على العدد،

حيث لاحظ الخبراء أن رأيا مخالفا لشخص واحد لا يؤثر كثيرا في رأي المتطوع،

فيما يبدو التأثر بسيطا في حال كان هناك رأي مخالف من جانب شخصين،

إلا أن درجة الامتثال لرأي الجماعة تبدو شديدة الارتفاع عندما يكون المختلفون 3 أو أكثر،

حينها يفضل الشخص القبول بوجهة النظر الخاطئة حتى لا يصبح مختلفا.

سر عقلية القطيع

بعد التوصل إلى نتائج تجربة سولومون آش المثيرة للجدل،

بحث الخبراء عن سر قيام النسبة الأغلب من المتطوعين بالموافقة على آراء المشاركين الآخرين،

حتى وإن كانت خاطئة دون شك، حينها أشار الكثيرون إلى أنهم يفضلون اختيار إجابة الجماعة الخاطئة

عن المخاطرة بالإجابة المختلفة والتي قد تضعهم في موقف محرج تماما إن كانت غير صحيحة.

على جانب آخر، أكد عدد من المتطوعين أنهم وافقوا على رأي المجموعة، اعتقادا بأنهم ربما يكونوا الأكثر معرفة،

ما توصل الخبراء من خلاله إلى أن التوافق مع الآراء الأخرى بغير اقتناع،

إما ينبع عن الرغبة في عدم الاختلاف والخوف من الإحراج، أو الاعتقاد بأن الآخرين هم أكثر ذكاء وحكمة.

في كل الأحوال، يرى سولومون آش وخبراء علم النفس في تلك التجربة الفريدة، أن تلك النتائج تبدو مخيفة،

حيث بدا الناس أكثر قابلية للموافقة على رأي الجماعة الخاطئ في أمور بسيطة وواضحة،

فما بالك إذن بالمواقف الحياتية المختلفة التي تبدو أكثر تعقيدا،

ما يفسر في الختام ممارسة الكثيرين لسلوكيات واحدة قد تبدو غير ممتعة لكنها دارجة فحسب.