تناولت نظرية العالم سيجموند فرويد أحد أشهر علماء علم النفس، توضيح الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر والتي شرح من خلالها، الدور الذي يقوم به كلاً من العقل الواعي أو ما يطلق عليه العقل الظاهر، والعقل اللاواعي أو الباطن، كما تطرق من خلال نظريته إلى تأثير كل نوع على تصرفات وسلوكيات البشر.
الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر
من خلال دراسة نظرية التحليل النفسي للشخصية التي وضعها العام سيجموند فرويد، يتضح الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر فقد تحدث بشكل مفصل ووصفهما في نظريته بما يلي
العقل الواعي
يتكون من جمع الأشياء داخل وعينا، وهو المسئول عن المعالجة العقلية، حيث يمكن للإنسان التفكير بواسطته، والتحدث بطريقة عقلانية.
يتضمن العقل الظاهر أو الواعي، مجموعة من الأشياء مثل الأحاسيس والشعور، كما يحتوي على التصورات والأوهام في داخل وعينا الحالي.
العقل الباطن
يحتوي على الأشياء التي لا يفكر فيها الإنسان في الوقت الحاضر، والأشياء التي يتعمد العقل الواعي إخفاءها عن وعي وإدراك الإنسان، فيقوم بوضعها داخل العقل الباطن.
التحالف بين العقل الظاهر والعقل الباطن
يقول سيجموند فرويد في نظريته، أن هناك تحالف وثيق بين العقل الظاهر والعقل الباطن اللاواعي، لا يدركه الإنسان بشكل واضح، لكنه يتضح من خلال مجموعة من تصرفات العقل الظاهر.
حيث يمكنه حجب بعض المعلومات أو المشاعر داخل العقل الباطن، بعيدًا عن وعي الإنسان، كما يمكنه جذب هذه الأشياء وإحضارها إلى وعى الإنسان، مرة أخري بمنتهى السهولة.
قوة العقل الباطن
يرى فرويد أن العقل الباطن له تأثير قوي على تصرفات وسلوك الإنسان، رغم عدم إدراك الإنسان له بشكل واضح، حيث أن ما يوجد داخل العقل اللاواعي يكون تحت تصرف ومتاح فقط للعقل الواعي في صورة مقنعة، وليس إدراك ووعي الإنسان.
ويذكر فرويد مثال يشرح فيه الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر فمن خلال تحليل الأحلام، يمكن أن يتضح تأثير وقوة العقل اللاواعي على نمط سلوكيات الإنسان الواعية، ويعتقد أن السبب هو تسرب بعض من محتوى العقل الباطن إلى الوعي على هيئة الأحلام.
العقل الظاهر هو غيض من فيض
يصف سيجموند فرويد العقل الباطن اللاواعي بالفيض، ويرى أن العقل الواعي أو الظاهر هو جزء يسير من العقل الباطن، حيث وصفهم بجبل الجليد الذي يظهر ثلثه فقط على السطح وتراه العين، لكن ما يخفى تحت سطح الماء هو الجزء الأكبر.
وهذا الوصف يعطى انطباع عن الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر فقمة الجبل فقط هي ما تمثل العقل الواعي، بينما المتبقي منه تحت سطح الماء هو العقل الباطن، فهو بذلك يصف الجانبين الرئيسيين لشخصية الإنسان.
حيوية العقل البشري
ومن خلال نظرية التحليل النفسي للشخصية البشرية، تظهر الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر وتوضح أهمية الشقان الأساسيان للعقل البشري، كما يتضح لنا أن العقل الواعي أقل حيوية من العقل الباطن، حيث يرجح فرويد أن الأشياء المخفية عن الواعي هي التي تؤثر بشكل كبير على سلوكيات الإنسان وشخصيته.
الذاكرة القصيرة المدى
يرى فرويد الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر في أن العقل الواعي يشمل كل شيء يدركه الإنسان ويفكر فيه حاليًا، لذلك وصف العقل الظهار بالذاكرة قصيرة المدى والمحدودة السعة، كما أن إدراك الإنسان لنفسه وللعالم من حوله، هو جزء لا يتجزأ من الوعي.
بينما العقل الباطن أو اللاواعي، يشمل أشياء قد لا يدركها الإنسان في الوقت الحالي، لكن يمكنه جذبها للعقل الواعي عند احتياجه لها، وكمثال على ذلك القسمة المطولة لعدد ما في مسائل الرياضيات، لا نفكر فيها الآن لكن عند الحاجة نخرج هذه المعلومة من العقل الباطن.
الذاكرة العادية
يعتبر فرويد العقل اللاواعي بأنه جزء من العقل يتوافق مع ذاكرة الإنسان العادية، حيث أن الذكريات لا يشملها الوعي، لكن يمكن للإنسان تذكرها واحضارها بسرعة للوعي المباشر وقتما يشاء.
فعلى سبيل المثال، إذا سألك أحدهم عما شاهدته ليلة أمس على التلفاز، أو ما قد تناولته في وجبة الإفطار في الصباح، فسوف تخرج هذه المعلومات من العقل الباطن وتظهر بشكل جلي في العقل الواعي.
دور العقل الباطن
يمكن وصف العقل اللاواعي بأنه أحد حراس البوابة بين الجزء الواعي من عقل الإنسان والجزء الباطن، وهنا يتبين الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر حيث أن العقل اللاواعي يسمح بمرور قطع أو أجزاء معينة من المعلومات بين العقل الظاهر والعقل الباطن.
مثل أرقام الهواتف وبعض الأرقام الهامة كرقم الضمان الاجتماعي، فهي تعد معلومات مخزنة في العقل الباطن، وعلى الرغم من عد تفكير الإنسان في هذه المعلومات في الوقت الحاضر، إلا أنه يمكنه استدعائها بسرعة وسهولة من العقل الباطن.
كيفية التعامل مع العقل الباطن
يوضح فرويد أن مفتاح التعامل مع العقل اللاواعي هو التركيز، حيث يمكن أن يرى الإنسان تفاصيل الجبل الجليدي المختبئ تحت الماء إذا ما قام بالتركيز، وبنفس الطريقة يمكن معرفة تفاصيل عقله الباطن، والتعامل معه.
قوة العقل الظاهر
العقل الواعي أو الظاهر وكما يطلق عليه أيضًا الوعي الذاتي أو العقل الموضوعي، هو الجزء المسؤول عن الحواس البشرية الخمسة، حيث يتيح للإنسان التعرف على العالم المادي من حوله بشكل واعي.
وهو الجزء القادر على التفكير في العقل البشري، وهو ما يمز الجنس البشري عن باقي الكائنات الأخرى، حيث أن القدرة على التفكير هي ما تضع الإنسان في مرتبة أعلى ممن سواه، والتي تمنحه الحرية في الاختيار عن وع وإدراك.
دور العقل الظاهر
يعتبر العقل الواعي هو الوصي على العقل الباطن، وتعد هذه أهم وظيفة يقوم بها، نظرًا لقدرة العقل الواعي على التمييز، فهو القائد الوحيد للعقل الباطن، كما أنه البوابة الوحيدة للدخول للعقل اللاواعي.
نظام المفتاح الرئيسي
يعتبر تشارلز هانيل أن العقل الواعي هو ما يملك المفتاح الرئيسي للعقل الباطن، فالعقل الباطن لا يمكنه التحليل والإثبات، ويعتمد في هذا على العقل الواعي، حتى لا يتسبب جهل العقل الباطن في الاستجابة لجميع الاقتراحات والمعلومات من كافة المصادر.
كيفية اختيار أسلوب الحياة
يعتقد أغلب البشر أن عقلهم الواعي هو المسئول عن اختيار أسلوب حياتهم، وطريقة تعاملهم وتصرفهم مع المحيطين، لكن من المفاجئ أن حياة البشر يتم إدارتها بناء على معايير صارمة مرتكزة بعمق ومتأصلة في برامج العقل الباطن.
ليدل ذلك على أنهم لم يختاروا تصرفاتهم عن وعي، كما أن المعلومة الأكثر غرابة، أن هذه البرامج ظلت مغلقة حتى سن العاشرة من عمر الإنسان، وذلك لقدرة الطفل المحدودة في هذا السن على الاستيعاب والتفكير
يستخلص علماء النفس الفرق بين قوة العقل الباطن والظاهر أنه يختلف تبعًا لاختلاف المرحلة العمرية للإنسان، في الأطفال حتى سن العاشرة أكثر قدرة على التعرف على معلومات جديدة، لكن دون القدرة على تحليلها، مما يعني أن العقل الباطن للطفل أسهل في برمجته، إذا ما تم مقارنتهم بالبالغين، والذي أكد العلماء قوة العقل الباطن وأهمية تكامل العقل البشري.